في البداية لا بد أن يكون ذهنك متفطنا للأحداث اليومية والأسبوعية سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو ثقافية ثم تحاول بعد ذلك أن تسقط أفكارك وتربط الموضوع المراد طرحه برشاقة (وذلك بحسب المجال الذي تكتب فيه في الغالب) مع حدث الساعة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
ومن الضروري أيضا ألا تتكاسل أبدا عن كتابة الفكرة والخاطرة مباشرة حين تقفز إلى عقلك لأنه في تلك اللحظة يكون تدفق الأفكار تلقائيا وسريعا (كزخات المطر) وهذا يسهل عليك لاحقا بناء المقال. وقد قيل: العلم صيد والكتابة قيد. والواقع أن الفكرة قد تأتي في أي وقت بلا استئذان. وشخصيا.. بعض هذه الخواطر والأفكار لا يقفز أمامي إلا قبل غفوة النوم! (وكم ضاع علي عدد لا يستهان به من القيلولات الجميلة بسبب كتابة لبنات المقال؟). وشيء بشيء يذكر فقد قرأت أن الشيخ الأديب علي الطنطاوي -رحمه الله- كان يضع بجانب سريره ورقة وقلما فإذا جاءته الفكرة كتبها مباشرة.
وبعد كتابة الفكرة أقوم بالبحث عن مصادر تدعم الموضوع، وشخصيا لا أميل إلى المقال (الحاف/ الجاف) الذي ليس فيه معلومات تثري القارئ غير سرد وجهة نظر الكاتب (طبعا لكل كاتب أسلوبه ومنهجيته، ولكني هنا أعرض طريقتي وتجربتي). ولذلك أحاول دوما أن أفيد الآخرين بمعلومة قد تكون قصة قصيرة أو استشهادا من بيت شعر أو مقولة أو آية أو حديث أو معلومات علمية أو تقنية بحسب ما يسمح به المقال والمقام. وأنا متمسك بهذا الأسلوب والطريقة من أجل أن ينتفع القارئ فحتى ولو لم يتفق معي في مضمون المقال أو فكرته! سأضمن له أن يستفيد شيئا من مقالي يضاف إلى خزينة معلوماته. صحيح أن هذه طريقة متعبة بعض شيء لأنها تحتاج إلى بحث واستقصاء وقراءة بين الكتب والإنترنت، ولكنها ممتعة وتفيدني في البحث عن المعلومة وترسخها في ذهني، وهي أيضا تفيد القارئ وتعتبر ربحا للطرفين (Win/Win).
ولا تندهش إذا قلت لك أنه في بدايات كتاباتي للمقالات كنت أعتقد أن مهمة الكاتب تغيير أفكار القارئ! ولكني علمت الآن أنها طريقة خاطئة! فليس المقصد من المقال تغيير الأفكار بحد ذاتها أو بشكل مباشر، بل هو عرض وجهة نظر الكاتب بطريقة مختلفة ومن زوايا أخرى. بمعنى بدلا من أن يكون لدى القارئ وجهة نظر واحدة يصبح لديه مجموعة آراء وأفكار متعددة، وبعد ذلك هو المسؤول عن تبني الفكرة الأكثر إقناعا والمتسلسلة منطقيا. ولنتذكر أنه إذا كان من الصعب على الواحد منا أن يغير نفسه! فكيف يطالب الآخرين بالتغيير. ولعله يصدق في هذا الجانب ما نقل عن غاندي أنه قال: لماذا نغير العالم إذا كنا نستطيع أن نغير أنفسنا؟ (بمعنى: إذا غيرت نفسك تغيرت نظرتك للعالم من حولك).
إن الشغف هو الدافع للكتابة، وهي تبدأ كهواية وربما تتحول مع العمل والجهد إلى مهنة احترافية، ولكن لا بد أن يكون الشغف هو المتأصل وليس أمرا طارئا! وإلا سوف تتحول المسألة إلى مجرد وظيفة مثلها مثل أي شيء آخر.
توتيرabdullaghannam @