(العلمانية هي الحل) عبارة يرددها كثير من مثقفي العالم الإسلامي والعربي دون وعي بحقيقتها ومضمونها، إذ يعدونها طوق نجاة لأزماتهم الشخصية، وطريقاً للحريات والارتقاء بالأوطان إلى مصاف الدول الصناعية الكبرى. وقبل الخوض في التفاصيل يجب أن نعلم أن مصطلح العلمانية قائم على فكرة رفض الدين، وليس علماً متعلقاً بإلادارة أو السياسة أو الصناعة أو حتى الحريات وعلم الاجتماع، أما فصل الدين عن الدولة فلا علاقة للعلمانية به، فالفصل صفقة سياسية لتقاسم السلطة بين رجال الكنيسة ورجال السياسة إرضاءً للشعوب التي ثارت في أوروبا، وبموجبها تناط إدارة شؤون الدنيا بأهل السياسة وتعود إدارة الدين لأهل الكنيسة في عملية توافقية يربح فيها جميع الأطراف المتوافقة، وليس فصلاً تاماً كما يتصور الكثيرون، فما زالت الدول التي تدعم العلمانية تؤمن أو تحترم على الأقل ديناً أو عقيدةً (ما) هي عقيدة الأغلبية أو بصورة أدق دين وعقيدة أغلبية الناخبين، وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها. فنموذج كوريا الشمالية الصناعية النووية يقوض مفهوم العلمانيين العرب للعلمانية وربطها بالتقدم الصناعي والحضاري والتحرر، فرغم كونها دولة قمعية لا توفر أي نوع من أنواع الحريات؛ إلا أنها تعتبر دولة صناعية نووية، فليس من الضروري أن تكون الدولة علمانية لتصبح دولة صناعية، بل الإرادة الصادقة هي ما يجعل البلد بلداً صناعيا، والاعتزاز بالقومية وعدم رهن النفس للأمم الأخرى كهؤلاء الذين يرون أن دينهم لا يكتمل إلا بخضوعهم للفرس والترك وأولئك الذين يعتقدون أن علمانيتهم لا تكتمل إلا باقتفائهم أثر الغرب، فكيف لهؤلاء الذين يسمون أنفسهم إسلاميين وعلمانيين أن يصنعوا وطناً عزيزا بخضوعهم وانهزاميتهم نفسياً وفكرياً للأمم الأخرى.
اعتزوا بعروبتكم وأحبوا أوطانكم واحترموا دينكم واجعلوا هدف تحويل دولتكم إلى دولة صناعية في أدبياتكم الثقافية والاجتماعية والتويترية والسنابية دون ربط ذلك بالخنوع والتبعية لغيركم، فحينها فقط ستكونون مثقفين محفزين للتقدم بوطنكم إلى مستوى الدول الصناعية المتقدمة.
الحل إذاً هو أن تكون سعودياً محباً لوطنك وقيادتك وإخوتك المواطنين والمقيمين على ثرى هذا الوطن الأبي، مستقلاً بطموحك لتكون غايتك عنان السماء، كما قال سيدي سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله.
falkhereiji @