«تم إصدار سندات بما يقرب من 250 مليار دولار إجمالا للحكومات، وأكثر من 260 مليار دولار للشركات، خلال العام الحالي»
«يزداد اهتمام المستثمرين بالأسواق الناشئة لسببين، أولهما هو: العائدات المرتفعة، والثاني: لأن العديد من هذه الأسواق تتحكم في مواردها المالية بشكل أفضل»في عالم يتسم بمعدلات فائدة منخفضة للغاية، يحاول مستثمرو السندات الاتجاه إلى الدول البعيدة. وأحد الأمثلة على ذلك هي جمهورية أوزبكستان في آسيا الوسطى التي باعت سندات للمستثمرين الدوليين بعملتها الخاصة (السوم) لأول مرة في التاريخ.
ويسلط ذلك الضوء على الفرق الكبير في العوائد، الذي جذب المستثمرين إلى شراء تلك السندات مقابل تحمّل خطورة امتلاك عملة غير معروفة.
وقال ستيفان ويلر، رئيس أسواق الديون المالية لأوروبا الوسطى والشرقية والشرق الأوسط وأفريقيا، في مؤسسة جي بي مورجان في لندن: إن «الطلب القوي على السندات المقوّمة بعملة السوم كان غير عادي بالنسبة لعملة جديدة وغير معروفة نسبيًا لمعظم المستثمرين الدوليين». وأضاف: «الهدف وراء طرح هذه السندات هو المساعدة في فتح سوق العملات المحلية في أوزبكستان، ولكن هذه الصفقات تتم عادة فقط عندما تكون الأسواق نشطة جدًا».
واقترضت حكومات وشركات الأسواق الناشئة مبالغ قياسية عبر أسواق السندات الدولية هذا العام، ووفقًا لبيانات شركة ديالوجيك، تم إصدار سندات بما يقرب من 250 مليار دولار إجمالًا للحكومات، وأكثر من 260 مليار دولار للشركات.
وفي الغالب تكون هذه السندات بالعملات الصعبة مثل الدولار أو اليورو. لكن الحكومات اقترضت أيضًا مبالغ قياسية بالعملات المحلية، بلغ مجموعها ما يقرب من 30 مليار دولار في العام الحالي حتى منتصف ديسمبر الجاري. وإلى جانب السندات المقوّمة بالعملة الأوزبكية، تم إطلاق سندات بعملات البيزو التشيلي والبيزو الدومينيكي والكونا الكرواتية والريال السعودي وغيرها.
وعادت شهية المستثمرين على الأسواق الناشئة بحماسة في الأسابيع الأخيرة، بعد خروج تدفقات استثمارية كبيرة خلال اضطرابات السوق العالمية، والتي أشعلتها أزمة وباء كوفيد 19 في وقت سابق من هذا العام.
وبلغ إجمالي صافي التدفقات الشهرية المتدفقة إلى السندات، والأسهم في الأسواق الناشئة - بما في ذلك إندونيسيا والهند وكوريا الجنوبية وتايلاند والمكسيك - أعلى مستوياته في 7 سنوات بنحو 30 مليار دولار في أوائل ديسمبر، وفقًا لشركة كابيتال إيكونوميكس.
وبلغ صافي التدفقات الخارجة ذروته عند حوالي 50 مليار دولار في أواخر شهر مارس الماضي. ويزداد اهتمام المستثمرين بالأسواق الناشئة لسببين، أولهما هو: العائدات المرتفعة، والثاني: لأن العديد من هذه الأسواق تتحكم في مواردها المالية بشكل أفضل.
وقال ويليام جاكسون، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس: «سوف تستمر بعض اقتصادات الأسواق الناشئة الصناعية، خاصة في آسيا، في ريادتها للانتعاش». وأضاف: «هناك سبب أقل تأثيرًا وراء ذلك وهو: طبيعة تلك الدول الصناعية والتي تقودها الصادرات، وسبب أكبر تأثيرًا، وهو: أن تلك الدول أبقت الفيروس تحت السيطرة».
وكان أداء بعض الديون المقوّمة بالعملة المحلية قويًا منذ مارس وأبريل بسبب انخفاض الدولار، ومن المرجّح أن يستمر هذا الاتجاه، وفقًا لبول مكنمارا، مدير الاستثمار للأسواق الناشئة في مؤسسي جي إيه أم (جام) في لندن.
وقال مكنمارا إن «عملات الأسواق الناشئة هي الشيء الأكثر إثارة للاهتمام هنا، باعتبارها عاملًا رئيسيًا في تحقيق الانتعاش»، حيث انخفضت قيمة العديد من تلك العملات بكثير عما كانت عليه قبل أزمة وباء كوفيد 19.
وانخفض الريال البرازيلي بنسبة 25٪ هذا العام مقابل الدولار. ويتوقع المستثمرون انتعاش سعر الريال البرازيلي مدعومًا بتعافي أسعار السلع، على الرغم من وجود بعض المخاوف بشأن الإنفاق المرتفع للحكومة البرازيلية ومدى استدامة ديونها (الكاتب يقصد التزامها بمعايير الحفاظ على البيئة).
ومن المؤكد أن الأسواق الناشئة تشتهر بالتقلبات الشديدة، وكانت من بين الأكثر تضررًا عندما ضرب وباء كوفيد 19 الأسواق في مارس وأبريل.
وعلى النقيض من ذلك، يقول ألبر جوسر، رئيس ديون الأسواق الناشئة المقوّمة بالعملة المحلية في شركة بيكتيت أسست مانجمنت، إن هذه الأسواق لا تزداد نشاطًا. وأحد الدلائل على ذلك هو أن عوائد السندات طويلة الأجل في العديد من البلدان أعلى من عوائد السندات قصيرة الأجل، ومعدلات العرض تتجاوز معدل التضخم.
وأضاف جوسر: إنه في العديد من الأسواق الناشئة، فإن حصة الملكية الأجنبية للسندات بالعملات الصعبة والعملات المحلية تقترب من أدنى مستوياتها منذ ما يقرب من عقد من الزمان.
ويشير هذا إلى أن السندات طويلة الأجل لم تتم المبالغة في تقدير قيمتها، ولا تزال تقدّم عوائد عالية، لا سيما بالمقارنة مع الأسواق المتقدمة حيث يتداول حوالي 76٪ من الديون الحكومية بعوائد سلبية.
وقال: «أعتقد أن المزيد من المستثمرين سوف يتحركون نحو السندات ذات المخاطر العالية»، في إشارة منه إلى السندات التي تقدمها البلدان ذات التصنيف الائتماني المنخفض، أو التي يتم تداولها بشكل أقل انتظامًا.