تزخر محافظة الأحساء بالمواقع الأثرية، الضاربة في عمق الزمان والمكان، والتي شكلتها أنامل الهوية والأصالة، راسمة تاريخا استثنائيا ونسيجا حضاريا مميزا، فضلا عما تتميز به المحافظة من تنوع في الجغرافيا الطبيعية، إلى جانب خصوبة أرضها ووفرة عيونها ومياهها العذبة، وهو ما أهلها لدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكبر واحة نخيل في العالم..
وطالب مختصون بأهمية تضافر الجهود الحكومية الرسمية؛ للاهتمام بآثار المحافظة، وتوثيقها مساحيا ومعماريا وفوتوغرافيا، والاستعانة ببيوت الخبرة المحلية والعالمية، وصيانتها دوريا، وإعادة ترميمها من نفس المواد الأولية المستخدمة في بنائها، والتركيز على أن تكون الأحساء مركزا سياحيا عالميا ومقصدا للفعاليات المتنوعة.
قال المختص المعماري م. أحمد المنديل، إن المواقع الأثرية التاريخية بالأحساء متنوعة وظيفيا كالمساجد والقصور والقلاع والأسواق والمدارس وحتى البيوت، وهو ما يدل على القيمة الحضارية للمحافظة، في مختلف الحقب التاريخية، مشيرا إلى أن تسجيل الأحساء في قائمة اليونسكو للمدن الخلاقة نتيجة طبيعية لهذا الامتداد التاريخي القديم المتصل بالحاضر.
وأضاف إن المحافظة على هذه المباني الأثرية التاريخية، أمر مهم؛ نظرا لما ترتبط به هذه المباني من أهمية كبرى، وهي جزء من ذاكرة وهوية المكان، مؤكدا أهمية تضافر الجهود الحكومية الرسمية، بما لديها من إمكانيات وصلاحيات مع جهود القطاع الخاص بما يمتلك من قدرات وخبرات، لحماية هذه الأماكن.
وأوضح «المنديل»، أنه نظرا لكون البناء التاريخي في الأحساء يستخدم المواد الطبيعية في البناء، وخصوصا استخدام الطين كمادة أساسية للبناء، فهذه المادة تحتاج إلى عناية خاصة ورعاية لديمومة بقائها، والمحافظة على بقاء المبنى التاريخي بزخمه وجماليته في الحقبة التي بني فيها، فالمواقع الأثرية، وأسلوب المحافظة عليها، يعتمد على عدة مستويات، منها ما يحتاج إلى عمل الدراسات الميدانية عليها، وتوثيقها مساحيا ومعماريا وفوتوغرافيا؛ مما يشكل أرشيفا أساسيا ومهما لأي عملية ترميم تتم للمبنى، لكي تكون من ضمن الأسس الفنية والمعمارية في عملية الترميم.
وقال إن عمل الدراسات أيضا سيسهم في تقييم عناصر المبنى والطرق الأنجع لمعالجة أي عناصر فيه تحتاج إلى المعالجة، وستسهم هذه الدراسات في عمل أرشيف وطني توثيقي علمي، يكون مرجعا للباحثين والدارسين بمختلف تخصصاتهم، وبعد إيجاد هذه الدراسات وتوثيقها، يحتاج في تطبيقها إلى الاستعانة بالحرفيين الباقين أو بدور الخبرة في تأهيل كوادر فنية قادرة على التعاطي مع طبيعة وقيمة هذه المباني، بطريقة ممنهجة علمية، والاستعانة بهذه الكوادر أو تأهيل كفاءات في هكذا أعمال ما هو إلا نوع آخر من حفظ التراث والفكر المرتبط بهذه المباني غير المادي، والذي بدوره يحتاج إلى حفظه أيضا، ومن أحد مراحل المحافظة على هذه المباني إعادة تأهيلها، وجعلها مركزا سياحيا أو مقصدا للفعاليات والأنشطة المقامة فيها، مما يؤدي إلى إعادة تفاعل الجمهور والنشء معها بطريقة تتجاوز فيها الطبع المتحفي لهكذا مبان.
الاستعانة ببيوت الخبرة المحلية والعالمية
أكد المهتم بالآثار م. محمد الشيخ، أن محافظة الأحساء زاخرة بالمواقع التاريخية الهامة، وكل موقع من الآثار هو كبسولة زمكانية توقف عندها الزمن ويحكي المكان ما قد جرى من أحداث وكأنه حي ماثل أمامك.
وأضاف «لك أن تقف في مسجد جواثا الأثري ويعود بك الخيال إلى أحضان الزمن النبوي، وتفاني أصحابه في السباق لبناء الصرح الإسلامي المجيد، وإن شئت أن ترمق جبل القارة بجولة وتطوف حول مغاراتها وما تحكيه من قصص ومواقف ومعارك خلدها التاريخ كقصر المشقر والصفا».
وتابع أن مباني مدينتي الهفوف والمبرز موسوعة تاريخية كقصر إبراهيم وقصر خزام وقصر صاهود وحي الكوت والرفعة والحزم والعديد من المواقع الأثرية التي لا تقدر بثمن، وتكمن أهميتها فيما تحكيه كواقع حي وشاهد على الأحداث والحضارة التي عاشها سكان المنطقة.
وبين «الشيخ»، أنه بالتوازي مع هذا الزخم الهائل، نجد أن الحكومة الرشيدة قد أولت أهمية قصوى تجاه هذه الآثار والمواقع، وقد رصدت لها البرامج والحماية والتطوير والترميم، وهو ما توج بدخول الأحساء في منظمة اليونيسكو للتراث والثقافة؛ لما لها من أهمية كبرى في حكاية التاريخ البشري.
وأكد أهمية حماية هذه المواقع الأثرية وصيانتها ضد عوامل الزمن، ومن أجل ذلك لا بد من إجراء الدراسات الكافية والاستعانة ببيوت الخبرة المحلية والعالمية، والاستفادة من تجارب الآخرين وتجنب الأخطاء.
وأوضح أن أفضل المواد التي يجب استخدامها في الترميم أن تكون من نفس المواد الأولية المستخدمة في إنشائها؛ من أجل أن تحافظ على الطابع التاريخي، لافتا إلى أن الخبرات في استخدام مواد البناء القديمة قد تندثر مع تقادم الزمن، وكمثال على ذلك استخدام جذوع النخل في أعمال الأعمدة أو السقوف وهي عملية معقدة جدا لا تجد اليوم إلا القليل ممن يستطيع التعامل معها بالشكل الصحيح.
وشدد على أهمية تكوين قاعدة معلومات ومواصفات قياسية تضم من بينها أعمال الترميم والصيانة للمواقع الأثرية، كمرجع يمكن الوثوق به في المستقبل.
تكيف هندسي مع الطبيعة والمناخ
ذكر المعماري المهتم بالتراث م. قاسم المطير، أن المحافظة على المباني التاريخية تعكس آثارا إيجابية مختلفة، منها: ثقافية، اقتصادية، اجتماعية، تطويرية، تعليمية، فالمباني التاريخية هي المعلم الوحيد الشاهد على علوم اختفت في المدن العربية.
وقال إن الأجداد تناقلوا العديد من الثقافات، والتي طورت عبر تاريخ مديد في المدن العربية وخصوصا محافظة الأحساء، والتي كانت جاذبة للمستثمرين والصناعيين كما كانت نقطة تجمع للتجار من الشرق والغرب امتدادا من الصين إلى أوروبا، مشيرا إلى أن الأحساء صناعية بامتياز، نقلت وطورت العديد من المهن المختلفة مثل الصياغة والحياكة والزراعة والتي طورت محليا أو نقلت من حضارات أخرى لتصبح مركزا لتعليم هذه المهن في المنطقة.
وأضاف «المطير» إن البناء يعتبر واحدا من أهم المهن التي تطورت محليا لتتناسب مع مدينة تعاني مناخا صعبا كما هي طبيعة محافظة الأحساء، التي تقع في عمق الصحراء، وسجلت الواحة الأكبر في العالم لوجود المياه الجوفية، وهذا التميز جعل البنائين المحليين يطورون تقنيات لم تكن متواجدة ويعملون على دراسات متقدمة في عصرهم لتتوافق هذه المباني مع احتياجات العصر في ذلك الزمن.
وأكد أن هذه المباني تعد تحفا فنية معمارية ونموذجا بارزا عن الفن والعمارة وشاهدا يحفز جميع الدارسين لمواصلة الاكتشاف؛ فكل مبنى تطور من قبل مختصين ليتلاءم مناخيا واجتماعيا ووظيفيا لاحتياجات المدينة في ذلك العصر، وما تبقى من المباني التاريخية في الأحساء يمثل أهمية كبرى لقيمته التاريخية والمعمارية والفنية.
وتابع «المطيري»، إن ما يميز هذه المباني هو القيمة الوجدانية غير المادية لارتباطها بتاريخ الساكنين، كما تعتبر في علم التخطيط معلما للاسترشاد، ومن هنا تأتي ضرورة التفكير في إعادة البناء ذي القيمة الإنسانية الاستثنائية أثريا، ومعماريا، وفنيا ووجدانيا، مشيرا إلى أن إعادة بنائها هو إعادة لتاريخ الوطن والذاكرة المحلية.
وأضاف إن قصر صاهود يمثل حقبة تاريخية في المنطقة، وهو يقف شاهدا على تلك الحقبة كمركز سياسي ومقر للجيش، مما يعطي المؤرخين دليلا على أهمية المنطقة إستراتيجيا في ذلك الوقت، أما معماريا؛ فالقصر يكشف لنا طريقة البناء في ذلك الوقت والتقنيات المستخدمة فيه وإستراتيجيات تصميم الحصون، وطريقة الدفاع مثل تشكيل البوابات وارتفاعات الأسوار وسماكة الجدران التي تبين أيضا طريقة البناء في ذلك الوقت، مشيرا إلى أن القصر شاهد على تطور البنائين في المنطقة.
مؤسسات مختصة بأعمال الصيانة
بين المقاول العامل في تسجيل وتوثيق وترميم المباني التراثية ناجي بو سرور، أن الموروث التاريخي في المحافظة بصفة خاصة وفي وطننا الغالي بصفة عامة، يستحق تسليط الضوء عليه، مشيرا إلى أهمية اتباع بعض الخطوات للمحافظة على تلك المباني؛ منها على سبيل المثال وليس الحصر: صيانتها من قبل مؤسسات متخصصة بدعوات خاصة وليس عن طريق الطرح العام، وهذا الأمر يحتاج إلى استثناء من صاحب الصلاحية، كما يجب أن تستخدم المواد اللازمة للصيانة من نفس المواد الأولية المستخدمة في بنائها، إضافة إلى الصيانة الدورية للمحافظة على سلامتها وهذا يطيل عمرها.
وتابع إنه يجب استخدامها وعدم إغلاقها وهذا هو أهم بند لإطالة عمرها كما يقول المثل الأحسائي «عمار الدار دوسها»، وتوجد علاقة فسيولوجية بين الطين والإنسان الذي خلق منه، واستخدامها يكون بالزيارات المتكررة من قبل الأفواج السياحية من داخل الوطن وخارجه، فضلا عن إقامة المعارض والمناسبات الوطنية داخلها.
تنمية قطاع السياحة الثقافية
قال المرشد السياحي عبدالمنعم التنم، إن السياحة الثقافية تشكل 10 % من حركة القطاع العالمية، ومن أنماطها المهمة سياحة التاريخ والتراث، والتي تشمل المواقع التاريخية والحضارية، وهو المتواجد بكثرة في مملكتنا الحبيبة، مشيرا إلى أن محافظة الأحساء بمدنها وقراها وهجرها تزخر بالعديد من الأماكن الأثرية والتاريخية، وتضم قرابة 11 قصرا أثريا عدا القلاع والمدن الأثرية ومنها قصر مرضية التاريخي.
وأضاف إن القصور التاريخية والأثرية هي آثار مرتبطة بالإنسان ومكون مهم في البعد الحضاري للمنطقة، وتدل على العمق التاريخي المتراكم، ولذلك يجب أن نُساهم بالحفاظ على تاريخنا ومعرفة الأجيال وتشجيع السياحة، اتفاقا مع الرؤية الوطنية 2030، و تأكيدا لإعلان اليونسكو الأحساء موقع تراث عالميا.
دراسات في تقييم عناصر المباني
قال المختص المعماري م. أحمد المنديل، إن المواقع الأثرية التاريخية بالأحساء متنوعة وظيفيا كالمساجد والقصور والقلاع والأسواق والمدارس وحتى البيوت، وهو ما يدل على القيمة الحضارية للمحافظة، في مختلف الحقب التاريخية، مشيرا إلى أن تسجيل الأحساء في قائمة اليونسكو للمدن الخلاقة نتيجة طبيعية لهذا الامتداد التاريخي القديم المتصل بالحاضر.
وأضاف إن المحافظة على هذه المباني الأثرية التاريخية، أمر مهم؛ نظرا لما ترتبط به هذه المباني من أهمية كبرى، وهي جزء من ذاكرة وهوية المكان، مؤكدا أهمية تضافر الجهود الحكومية الرسمية، بما لديها من إمكانيات وصلاحيات مع جهود القطاع الخاص بما يمتلك من قدرات وخبرات، لحماية هذه الأماكن.
وأوضح «المنديل»، أنه نظرا لكون البناء التاريخي في الأحساء يستخدم المواد الطبيعية في البناء، وخصوصا استخدام الطين كمادة أساسية للبناء، فهذه المادة تحتاج إلى عناية خاصة ورعاية لديمومة بقائها، والمحافظة على بقاء المبنى التاريخي بزخمه وجماليته في الحقبة التي بني فيها، فالمواقع الأثرية، وأسلوب المحافظة عليها، يعتمد على عدة مستويات، منها ما يحتاج إلى عمل الدراسات الميدانية عليها، وتوثيقها مساحيا ومعماريا وفوتوغرافيا؛ مما يشكل أرشيفا أساسيا ومهما لأي عملية ترميم تتم للمبنى، لكي تكون من ضمن الأسس الفنية والمعمارية في عملية الترميم.
وقال إن عمل الدراسات أيضا سيسهم في تقييم عناصر المبنى والطرق الأنجع لمعالجة أي عناصر فيه تحتاج إلى المعالجة، وستسهم هذه الدراسات في عمل أرشيف وطني توثيقي علمي، يكون مرجعا للباحثين والدارسين بمختلف تخصصاتهم، وبعد إيجاد هذه الدراسات وتوثيقها، يحتاج في تطبيقها إلى الاستعانة بالحرفيين الباقين أو بدور الخبرة في تأهيل كوادر فنية قادرة على التعاطي مع طبيعة وقيمة هذه المباني، بطريقة ممنهجة علمية، والاستعانة بهذه الكوادر أو تأهيل كفاءات في هكذا أعمال ما هو إلا نوع آخر من حفظ التراث والفكر المرتبط بهذه المباني غير المادي، والذي بدوره يحتاج إلى حفظه أيضا، ومن أحد مراحل المحافظة على هذه المباني إعادة تأهيلها، وجعلها مركزا سياحيا أو مقصدا للفعاليات والأنشطة المقامة فيها، مما يؤدي إلى إعادة تفاعل الجمهور والنشء معها بطريقة تتجاوز فيها الطبع المتحفي لهكذا مبان.
الاستعانة ببيوت الخبرة المحلية والعالمية
أكد المهتم بالآثار م. محمد الشيخ، أن محافظة الأحساء زاخرة بالمواقع التاريخية الهامة، وكل موقع من الآثار هو كبسولة زمكانية توقف عندها الزمن ويحكي المكان ما قد جرى من أحداث وكأنه حي ماثل أمامك.
وأضاف «لك أن تقف في مسجد جواثا الأثري ويعود بك الخيال إلى أحضان الزمن النبوي، وتفاني أصحابه في السباق لبناء الصرح الإسلامي المجيد، وإن شئت أن ترمق جبل القارة بجولة وتطوف حول مغاراتها وما تحكيه من قصص ومواقف ومعارك خلدها التاريخ كقصر المشقر والصفا».
وتابع أن مباني مدينتي الهفوف والمبرز موسوعة تاريخية كقصر إبراهيم وقصر خزام وقصر صاهود وحي الكوت والرفعة والحزم والعديد من المواقع الأثرية التي لا تقدر بثمن، وتكمن أهميتها فيما تحكيه كواقع حي وشاهد على الأحداث والحضارة التي عاشها سكان المنطقة.
وبين «الشيخ»، أنه بالتوازي مع هذا الزخم الهائل، نجد أن الحكومة الرشيدة قد أولت أهمية قصوى تجاه هذه الآثار والمواقع، وقد رصدت لها البرامج والحماية والتطوير والترميم، وهو ما توج بدخول الأحساء في منظمة اليونيسكو للتراث والثقافة؛ لما لها من أهمية كبرى في حكاية التاريخ البشري.
وأكد أهمية حماية هذه المواقع الأثرية وصيانتها ضد عوامل الزمن، ومن أجل ذلك لا بد من إجراء الدراسات الكافية والاستعانة ببيوت الخبرة المحلية والعالمية، والاستفادة من تجارب الآخرين وتجنب الأخطاء.
وأوضح أن أفضل المواد التي يجب استخدامها في الترميم أن تكون من نفس المواد الأولية المستخدمة في إنشائها؛ من أجل أن تحافظ على الطابع التاريخي، لافتا إلى أن الخبرات في استخدام مواد البناء القديمة قد تندثر مع تقادم الزمن، وكمثال على ذلك استخدام جذوع النخل في أعمال الأعمدة أو السقوف وهي عملية معقدة جدا لا تجد اليوم إلا القليل ممن يستطيع التعامل معها بالشكل الصحيح.
وشدد على أهمية تكوين قاعدة معلومات ومواصفات قياسية تضم من بينها أعمال الترميم والصيانة للمواقع الأثرية، كمرجع يمكن الوثوق به في المستقبل.
تكيف هندسي مع الطبيعة والمناخ
ذكر المعماري المهتم بالتراث م. قاسم المطير، أن المحافظة على المباني التاريخية تعكس آثارا إيجابية مختلفة، منها: ثقافية، اقتصادية، اجتماعية، تطويرية، تعليمية، فالمباني التاريخية هي المعلم الوحيد الشاهد على علوم اختفت في المدن العربية.
وقال إن الأجداد تناقلوا العديد من الثقافات، والتي طورت عبر تاريخ مديد في المدن العربية وخصوصا محافظة الأحساء، والتي كانت جاذبة للمستثمرين والصناعيين كما كانت نقطة تجمع للتجار من الشرق والغرب امتدادا من الصين إلى أوروبا، مشيرا إلى أن الأحساء صناعية بامتياز، نقلت وطورت العديد من المهن المختلفة مثل الصياغة والحياكة والزراعة والتي طورت محليا أو نقلت من حضارات أخرى لتصبح مركزا لتعليم هذه المهن في المنطقة.
وأضاف «المطير» إن البناء يعتبر واحدا من أهم المهن التي تطورت محليا لتتناسب مع مدينة تعاني مناخا صعبا كما هي طبيعة محافظة الأحساء، التي تقع في عمق الصحراء، وسجلت الواحة الأكبر في العالم لوجود المياه الجوفية، وهذا التميز جعل البنائين المحليين يطورون تقنيات لم تكن متواجدة ويعملون على دراسات متقدمة في عصرهم لتتوافق هذه المباني مع احتياجات العصر في ذلك الزمن.
وأكد أن هذه المباني تعد تحفا فنية معمارية ونموذجا بارزا عن الفن والعمارة وشاهدا يحفز جميع الدارسين لمواصلة الاكتشاف؛ فكل مبنى تطور من قبل مختصين ليتلاءم مناخيا واجتماعيا ووظيفيا لاحتياجات المدينة في ذلك العصر، وما تبقى من المباني التاريخية في الأحساء يمثل أهمية كبرى لقيمته التاريخية والمعمارية والفنية.
وتابع «المطيري»، إن ما يميز هذه المباني هو القيمة الوجدانية غير المادية لارتباطها بتاريخ الساكنين، كما تعتبر في علم التخطيط معلما للاسترشاد، ومن هنا تأتي ضرورة التفكير في إعادة البناء ذي القيمة الإنسانية الاستثنائية أثريا، ومعماريا، وفنيا ووجدانيا، مشيرا إلى أن إعادة بنائها هو إعادة لتاريخ الوطن والذاكرة المحلية.
وأضاف إن قصر صاهود يمثل حقبة تاريخية في المنطقة، وهو يقف شاهدا على تلك الحقبة كمركز سياسي ومقر للجيش، مما يعطي المؤرخين دليلا على أهمية المنطقة إستراتيجيا في ذلك الوقت، أما معماريا؛ فالقصر يكشف لنا طريقة البناء في ذلك الوقت والتقنيات المستخدمة فيه وإستراتيجيات تصميم الحصون، وطريقة الدفاع مثل تشكيل البوابات وارتفاعات الأسوار وسماكة الجدران التي تبين أيضا طريقة البناء في ذلك الوقت، مشيرا إلى أن القصر شاهد على تطور البنائين في المنطقة.
مؤسسات مختصة بأعمال الصيانة
بين المقاول العامل في تسجيل وتوثيق وترميم المباني التراثية ناجي بو سرور، أن الموروث التاريخي في المحافظة بصفة خاصة وفي وطننا الغالي بصفة عامة، يستحق تسليط الضوء عليه، مشيرا إلى أهمية اتباع بعض الخطوات للمحافظة على تلك المباني؛ منها على سبيل المثال وليس الحصر: صيانتها من قبل مؤسسات متخصصة بدعوات خاصة وليس عن طريق الطرح العام، وهذا الأمر يحتاج إلى استثناء من صاحب الصلاحية، كما يجب أن تستخدم المواد اللازمة للصيانة من نفس المواد الأولية المستخدمة في بنائها، إضافة إلى الصيانة الدورية للمحافظة على سلامتها وهذا يطيل عمرها.
وتابع إنه يجب استخدامها وعدم إغلاقها وهذا هو أهم بند لإطالة عمرها كما يقول المثل الأحسائي «عمار الدار دوسها»، وتوجد علاقة فسيولوجية بين الطين والإنسان الذي خلق منه، واستخدامها يكون بالزيارات المتكررة من قبل الأفواج السياحية من داخل الوطن وخارجه، فضلا عن إقامة المعارض والمناسبات الوطنية داخلها.
تنمية قطاع السياحة الثقافية
قال المرشد السياحي عبدالمنعم التنم، إن السياحة الثقافية تشكل 10 % من حركة القطاع العالمية، ومن أنماطها المهمة سياحة التاريخ والتراث، والتي تشمل المواقع التاريخية والحضارية، وهو المتواجد بكثرة في مملكتنا الحبيبة، مشيرا إلى أن محافظة الأحساء بمدنها وقراها وهجرها تزخر بالعديد من الأماكن الأثرية والتاريخية، وتضم قرابة 11 قصرا أثريا عدا القلاع والمدن الأثرية ومنها قصر مرضية التاريخي.
وأضاف إن القصور التاريخية والأثرية هي آثار مرتبطة بالإنسان ومكون مهم في البعد الحضاري للمنطقة، وتدل على العمق التاريخي المتراكم، ولذلك يجب أن نُساهم بالحفاظ على تاريخنا ومعرفة الأجيال وتشجيع السياحة، اتفاقا مع الرؤية الوطنية 2030، و تأكيدا لإعلان اليونسكو الأحساء موقع تراث عالميا.