n إذا كان علينا الانتظار سنين طويلة، ليكبر الطفل، لنعرف نتاج سوء تربيتنا وإعدادنا لشخصيته، فإن هذا أيضا ما يحصل مع البيئة، حيث نحتاج لسنين لمعرفة سوء تعاملنا معها، حيث يأتي الندم.
n نحن نتعب في تربية أطفالنا، وإعدادهم للمستقبل الأفضل؛ ونسهر الليالي؛ ونبذل الغالي والرخيص؛ لأنهم استثمارنا الناجح والناضج للمستقبل. ونقول مع مراحل تربيتهم: تعبهم راحة. هذا ما يجب أن يكون أيضا مع بيئتنا، فهي تمثل مستقبل وجودنا، واستدامة حياتنا في ظل عطائها.
n إن ما يجري في بيئة الشريط المطير في منطقة الباحة، قد تجاوز كل المحاذير البيئية التي أعرف. فأصبح يحمل كل أنواع التغيير السلبي دون حساب. هناك اندفاع ضار وغير محسوب، لتدمير وهدم دور هذا الشريط، بالقضاء على أهميته، وهو الضروري لاستدامة المياه الجوفية لحياة أجيالنا القادمة.
n المناطق المطيرة في المملكة محدودة، وتشكل شريطا يبلغ مدى عرضه (10) كيلو مترات، بدءا من قمم الجبال الباردة المطلة على سهول تهامة. وبدلا من زيادة مسافة عرضه، وتهيئتها للمزيد من نزول الأمطار، نعمل على تدمير هذا الشريط بيئيا. حيث يفقد مقومات الوفاء بدوره وأهميته الجغرافية، والجيولوجية، والبيئية، والمناخية. يحدث هذا في جميع مناطقه. أكرر دعوتي، للمرة الألف، لإنقاذ هذا الشريط، وجعله محمية مطرية لصالح البلاد والعباد.
n تقول العرب: إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده. وهذه المقولة تختصر النظريات العلمية ذات العلاقة، وتختزلها في هذه الكلمات. لماذا الجور على هذا الشريط المطير؟ كان هذا التساؤل يتكرر في طريقي مع كل مشهد بيئي أراه. تساؤلاتي مشروعة. أيضا قلقي على البيئة والمياه قلق مشروع. دعوتي مسؤولية وطنية تدين المتقاعسين، والمفسدين للبيئة.
n إذا كان البعض يسأل ويقول: ما الحل؟ فإن الحلول العلمية موجودة. غيابها وتجاهلها يساهم في زيادة إنهاك هذا الشريط، ويعمل على تسريع خسارته إلى الأبد. إن لم تأت الحلول في الوقت المناسب، فإن الخسائر البيئية تتعاظم، وبتراكمها يستحيل العلاج. هذا ما رأيته في هذا الشريط المطير، حيث يحمل جميع مؤشرات التصحر العلمية.
n ولأن المياه في المملكة -حفظها الله- نادرة ومحدودة، فيجب أن يكون الماء محور كل تنمية؛ وكل تصرف؛ وكل تفكير؛ وكل إنجاز. أن نجعل الماء آخر التفكير، فهذا تدمير، وإنهاك، وتنكيل بهذا الشريط المطير. لقد وصلنا مرحلة أشبه بمن ينخش عينه بيده، كما تقول العرب.
n أدعو لحماية بيئة سهول وأودية وسفوح جبال هذا الشريط المطير. وقد وضعت (كتابين) يحملان أفكار استدامة دوره وأهميته في تغذية المياه الجوفية. أفكار علمية تحقق إنقاذه وإنقاذ مستقبلنا من العطش، وذلك في ظل زيادة الطلب على المياه. إن تجاهل تنميته بيئيا، وحمايته، والحفاظ عليه لتأدية دوره، يعني خسارته إلى الأبد. تصرفاتنا حاليا قاتلة لدوره وأهميته. ويستمر الحديث بعنوان آخر.
@DrAlghamdiMH