على الرغم من أن المملكة العربية السعودية تحدها حدود مع دول شقيقة وحليفة، إلا أن مملكة البحرين بأسواقها ومجمعاتها التجارية وقوتها الشرائية "المتواضعة" تشكل أهمية وجدانية لدى السعوديين يمكننا تمييزها بسهولة.
فهناك ريادة في التنسيق بين المملكتين، ساهمت بمنفعتها لكلا السوقين، فالاستثمارات السعودية في مملكة البحرين تحتل الحصة الأكبر في معدل الاستثمارات، لأهمية البحرين لدى المستثمر السعودي ولحرص البحرينيين على أن يكون للسعوديين أولوية كبيرة فأعطي من التسهيلات وكأنه مواطن من الدرجة الأولى.
جعلت التشريعات المتحفظة في السوق السعودي سابقا وقوانين الاستثمار الملزمة فيها، بعض الشركات الأجنبية تجد ضالتها في السوق المحلي البحريني وعينها على السوق السعودي والمواطن السعودي بالدرجة الأولى، فكانت تجد السوق البحريني هو الأفضل للوصول للمستهلك السعودي المتواجد بكثرة في البحرين، وبالطبع كانت البحرين مطمعا لمثل هذه الشركات لما توفره من مناخ استثماري وتشريعات مرنة، بينما كانت السعودية لا تزال تحكمها تشريعات محافظة ساهمت كثيرا في إعطاء ميزة للسوق البحريني بأن يكون ذلك الأمر أحد أسباب جذب إضافية، هنا يمكننا أن نفهم بعض العلاقات الطردية المثمرة لكلا المملكتين هي كالميزة الخاصة.
كذلك وكميزة، تعتبر العملة بين البلدين موحدة في سعر الصرف ومقبولة في السوقين، فلا يتكبد المواطنون في البلدين عناء تحويل العملة حين السفر إلى المملكتين وهذه ميزة أخرى تختص بها المملكتان دون سواهما، ويمكن أن نعرف حجم النشاط اليومي بين البلدين، فالصرافة البحرينية من النادر أن تقوم بشراء الريال السعودي إلا في مواسم كالحج لتوافره بكثرة بسبب التواجد الكبير للسعوديين الذين يتعاملون بعملتهم الأساسية.
كما استفاد السوق السعودي كثيرا من الخبرات البحرينية بالذات في مجال المصارف والتأمينات والبتروكيماويات، إذ لا يعتبر عمل البحريني في السعودية بالأمر الصعب فهو يذهب بسيارته ويعود بنفس اليوم، والعكس، وشكلت الاستثمارات السعودية المصرفية بعد التجارية نسبة كبيرة في البحرين.
كل تلك الميزات ستخدم بلا شك مشروع المجلس التنسيقي السعودي البحريني، الذي كنت أرى أنه جاء متأخرا بعد سلسلة المبادرات الثنائية. بيد أن ما يميزه في هذا الوقت بالذات، أنه يجمع قطبي العقل الاقتصادي في المنطقة، أكثر شخصيتين تثيران الإعجاب في القطاع الاقتصادي وفهم القضايا الاقتصادية وإيلائها أهمية وأولوية كبيرة، الشخصيتان استطاعتا ان تنقلا المملكتين من المرحلة التقليدية إلى المرحلة التطويرية في التنمية الاقتصادية وهو أمر يبعث على الفخر.
وهما ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي ينطلق بالمملكة العربية السعودية نحو نهضة اقتصادية بارزة تثير الإعجاب بالتشريعات والاستثمارات والشفافية والرؤية، وولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد الذي يتميز بذكاء استثنائي حاد، وخبرة اقتصادية محنكة وهو صاحب المبادرات الاقتصادية الكبيرة على مستوى المنطقة.
@hana_maki00