حالة غريبة ومزعجة من الفردانية والتقوقع حول الذات وانعدام التفاعل، خطرها لا يُستهان به خاصة «فئة الموظفين ومَنْ بيدهم مصالح الناس» لا أريد أن أعين بعض المصالح يكفي أنهم منتشرون تقريباً في أكثر المؤسسات، مشكلتهم ليست فطرية، تعود أسبابها لمؤسسات التربية والتنشئة الاجتماعية في الغالب، الأسرة المتسلطة التي تنتهج القسوة المادية والمعنوية، وبعض المؤسسات العلمية البعيدة كل البعد عن التربية الإيجابية، وكذلك بعض طبقات المجتمع ذات النظرة الفوقية، التي تشعر مَنْ هم دونها بالدونية وتسبب لهم الإحباط الدافع للامبالاة.
الحالة النفسية للشخص المصاب لا تُحسد، عملية تراكمية من الإحباط والشعور بالنقص واحتقار الذات تكونت خلال فترة مراحل نموه كلها، أضف إليها العوامل الاجتماعية المحبطة كقبول العمل بغير التخصص نتيجة الحاجة، التي تولد نوعاً من اهتزاز الهوية الاجتماعية والوطنية.
هذا السلوك لم يكن موجودا في السابق؛ لأن القيم كانت متجذرة والروابط الاجتماعية قوية، كان الإحساس بالمسؤولية حاضراً والدليل انتشار مظاهر التعاضد الاجتماعي والتماسك، حيث كانت تطغى مصالح الآخرين على مصالح الشخص الفردية.
جيل الآباء كان يتمتع بإحساس عميق بالمسؤولية؛ كانوا يرون العمل قيمة مسؤولة يتوجب أداؤها بمسؤولية مكافئة لها للأسف تغيرت حالياً فلم تعد على ما كانت عليه في السابق في بعض من البيوت، والشعور بالمسؤولية تضاءل في نفوس بعض شباب الجيل الحالي، انتشرت اللامبالاة بشكل لافت أنا لا أعمم ولكن توجد حالات شاذة تشكل خطراً وأمراضاً اجتماعية يتحتم علاجها حفاظاً على سلامة المجتمع والوطن.
آمل من جهات الاختصاص تكثيف نشر ثقافة الوعي الاجتماعي في كل منطقة بإنشاء دوائر متخصصة في هذا المجال للتثقيف الاجتماعي والعمل على رفع قيمة الإحساس بالمسؤولية لدى الفرد للخروج من دائرة اللاوعي الاجتماعي والفوضى.
فالكثير مما نشاهده في واقعنا من سلبيات يستلزم يقظة ضمير، ليكون كل مواطن مسؤولا عما أوكل إليه.
والله سبحانه وتعالى ليس بغافل عما يعمل العاملون ولن يفلت من عقابه أحد.. يقول الرب جلّ وعلا: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) العمل أمانة.
أما مَنْ استفحل الداء فيه من الموظفين، فالمسؤولية تقع على مسؤولي مؤسساتهم والعلاج يبدأ بالتوجيه.. فالردع.. وإن استعصى.. فالبتر أفضل حتى لا يتسمم جسد المجتمع كله.
وحتى تعود الحياة لقلوب تنبض بالحياة بلا حياة.
[email protected]