@azizmahb
البقاء للأفضل، أو دعوني أتحدث بلغة مشهد ساحة هذه الحقبة، الاستدامة للأكثر تميزا، نعم، هذا ما فرضته المتغيرات المتدافعة التي نشهدها تتسارع يوما بعد يوم، كالثورة المعرفية والعلمية الهائلة، والتطور التقني والصناعي، وغيرها من المجالات التي تحولت محركاتها الرئيسية إلى مؤشرات عالمية تصنف المنظمات والدول وفق مواكبتهم لها، وسعيهم الحثيث لتوظيف مخرجاتها. فقد أخفت من أخفت خارج دائرة الأضواء، ورفعت أخرى أعلى قائمة الترتيب، وهذا ما زاد من وتيرة إيقاع التنافسية، وجعل حدودها تتعدى قطاع الأعمال لتطرق أبواب المؤسسات الحكومية، وتركز في أعمالها على الكفاءة والنتائج العالية والفاعلية. وكما نعلم فإن نجاح الدول يضطلع أولا على نجاح مؤسساتها الرسمية، وبلا ريب فإن هذا الأمر وبكافة أبعاده تحت مرصد ومجهر قادة هذه الدولة الحكيمة وفق ما نراه من نمو إيجابي صاعد في الأرقام عاما بعد عام. ومع هذا السباق الضاري على السبق، بات في اعتقادي أهمية أن تدرس حكومتنا الرشيدة -أيدها الله- استحداث وحدة إدارية جديدة وتوحيدها في هياكل جميع الوزارات والهيئات والجامعات والمؤسسات الحكومية بمسمى «التميز المؤسسي والتنافسية» انطلاقا من مستوى الوكالات في الأجهزة المركزية وصولا إلى الإدارات في الفروع، وذلك سعيا للمزيد من ضخ الاستثمار في هذا المجال المهم والذي يكفل بمشيئة الله وثب المملكة على قمم جبال النهضة التنموية، وبلوغ رأس هرم الصدارة العالمية. حيث يمكن أن تتولى هذه الوحدة تعزيز ونشر ثقافة التميز حتى تستقر مبادئها في قلب الميدان، وتكون جزءا من الحمض النووي والثقافة التنظيمية، وكذلك مهام قياس كفاءة الأداء المؤسسي ووضعه على محكات نماذج التميز والمؤشرات العالمية في ملفاتها المختلفة، وذلك لمعرفة موقع المؤسسة الحالي على خارطة التنافسية الدولية وتحديد المنزلة التي تسعى لها في المرحلة المستقبلية. وذلك معطوف على إجراء البحوث والدراسات العلمية، والتقصي عن أفضل الممارسات والاتجاهات الحديثة لكي تنطلق تدريجيا نحو التحول من إجراء المقارنات إلى تقديم أفضل النماذج والمنهجيات. ولا يمكن لذلك أن يتحقق إلا بتوليها الإشراف على التطوير التنظيمي الشامل وتحديث وتحسين الإجراءات والأنظمة والسياسات، وتطبيق مواصفات الجودة المختلفة والمرتبطة بمجال المؤسسة لضمان المضي بثبات وفق المعايير المحلية والدولية التي تنظم وتؤطر إتقان تلك الأعمال. كما لا نغفل دورها المحوري في إدارة المشاركة في المسابقات والمنافسات والجوائز المحلية والعالمية التي تسهم في مكافأة من سمو على المصاعب بتحقيق الإنجاز، وكذلك الاعتراف بنضج ممارسات المؤسسة وتميزها وتعزيز سمعتها. كما نتطلع أن يدعم ذلك التوجه السامي وجود برنامج وطني شامل لتأهيل قادة ومنسوبي «التميز والتنافسية» في المؤسسات الحكومية، يجمع بين الإطار النظري والتطبيق العملي وفق ما يضمن تمكن أبنائنا صناع الفرق ورواد السبق من استلام مفاتيح قيادة ذلك الطموح.
ختاما أقول، إن المملكة انتقلت واقعا من مربع حديث الأمنيات والآمال، إلى ساحة الإنجاز والريادة في الأعمال، ولابد أن نعي تماما أن توظيف مفاهيم التميز وتملك أدوات التنافسية أحد أهم ركائز صعود سلم المجد، فقد فاخر سمو ولي العهد بقوله «سيفاجئ هذا الوطن العالم من جديد»، والذي آمن يقينا أنه سيتحقق بمشيئة الله في مؤسساتنا بسواعد شعبنا الواعد، الذي لا يقبل إلا بالرقم واحد.
@azizmahb
@azizmahb