استفهاماته في قصائده واضحة مع إجادة كتابة القصة والسيناريو داخل النص:
«انتظرتك.. عمري كله.. وانتي حلم
ومرت الأيام والله.. وانتي حلم..
(ليه تأخرتي علي؟)..
توهي مرة واسألي»
القصة هنا في «ومرت الأيام» إذ تفتح هذه العبارة أفقا متخيلا واسعا على عدد الأيام التي بقيت فيها الحبيبة حلما. بدر يحلم باسم الحب.
يتميز شعر البدر باللغة الحداثية التي يعتبر رائدها.
«حبيبي يا حبيبي
كتبت اسمك على صوتي
كتبته في جدار الوقت»
هنا وبصورة فنية حداثية يبلغ حبيبه أنه كتب اسمه على صوته!
وهل يكتب الاسم على الصوت؟
بدر يفعلها لأن اسم الحبيب دائم والصوت متحرك.
«وترحل.. صرختي.. تذبل
في وادي لا صدى يوصل..
ولا باقي أنين
زمان الصمت يا عمر الحزن والشكوى
يا خطوه ما غدت تقوى..
على الخطوة
على هم السنين»
السيناريو هنا في رحيل الصرخة ثم ذبولها في ذلك الوادي الذي لا يرد الصدى بمعنى أنها لن تعود مهما صرخ!!
ويستمر الصمت برغم الصراخ!!
ويستمر بدر في استحضار البلاغة وبالأخص الاستعارة المكنية إذ يقول:
«الله يعلم إني حاولت
أسند على كفي السما..
وأناظر الشمس
أشرب عن عيونك ظما
أشرب ظما الشمس»
الشمس في المكان... تصنع الظمأ...
والظما هنا قد يكون الاشتياق فهو شبه الشمس بالإنسان الذي يظمأ ويشتاق وحذف المشبه به وأتى بلازمة من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
«ابعتذر عن كل شيء... إلا الهوى
ما للهوى عندي عذر»
ويأبى البدر أن يعتذر عن الهوى مع إقراره أنه سيعتذر عن كل شيء.
والجمال هنا أنه وصف سيناريو وصول الحب:
«اتصدقي... ما اخترت أنا أحبك
ما احدٍ يحب اللي يبي...
يا حبي المرّ... العذب
سكنتي جروحي غصب».
طرح هنا كيف يتشكل الحب في فضاءات الدنيا وكيف تسكن الحبيبة داخل الجرح... الحب لا يأتي من عندياتنا فلا يمكن أن نحب متى أردنا... نحن أيضا لا نحب أبدا من نريد.
يقول أيضا:
ما عرفتك يوم كلك.. ياللي في غيابك حضورك..
انتظرتك عمري كله.. وانتي حلم..
هذا إنتي.. قولي والله إنه إنتي..
(وين غبتي؟!).. عني هذا الوقت كله..
(وين كنتي؟!)
عدنا إلى الأسئلة مرة أخرى.
الغياب والكينونة يسبقها سؤال واحد: وين؟!
في الغياب محو للمكان وفي الكينونة استدعاء المكان.
هو يرحل أو يدع حبيبته ترحل بعيدا وأحيانا يذكرها بأن تطرح الشوق للديار جناحا... هو يأمر بشاعرية شديدة؛
سافري
اضحكي
خلي
«سافري لين تبكين المطر
واضحكي لين ما يضيق البراح
ولا تعبتي وحسيتي بضجر
خلي الشوق لديارك جناح».
ثمة غناء وطني قدمه بدرنا في قصيدة رائعة غناها محمد عبده أمام خادم الحرمين الشريفين في الملعب، طاف بنا في قدرة شعرية فائقة على جغرافية الوطن وحلق على جبالها ولمس عيونها..
كل هذا من أجل:
عبدالعزيز... من أجل أن تنطق بما فعل عندما وصل إليها ووحدها، فهي قادرة على أن تحكي حكايا القائد الموحد للوطن و«جهاد جدودنا» بدأ بروابي نجد. ذهب لجبال السروات. قفز لينابيع الأحساء:
«حدثينا.. حدثينا
يا روابي نجد.. يا جبالها السراة
يا ينابيع الحسا جددي فينا الحياة
حدثينا عن أبو تركي العظيم.. حدثينا
عن أبونا الفارس الشهم الكريم.. حدثينا
عن جهاد جدودنا.. اللي خلوا حدودنا
من بحرها لبحر.. ديرتي كل فخر»
(يتبع)
@karimalfaleh