واضح أن المفردة (التسنيع) انصهرت بمتغيرات الحياة، فانتقلت إلى المال والأعمال.
كانت الرواتب، التي تدفعها الدولة لموظفيها في بدايات التوظيف أكثر مما يحتاج الفرد لسد حاجاته اليومية. والدليل على ما أقول إن غالبية مرموقة من موظفي الدولة يوفرون مبالغ ويذهبون بها طواعية إلى دكاكين عُرف عن أهلها إقراضها للمحتاج بالفائدة المركبة، أو المداينات التي بها يدورون حول مواقع شبهة الربا، وهي معروفة.
أو أنهم يضعونها بأيدٍ أمينة يتوقعون عائدا من خلال المتاجرة بها. وعرفت مدرسين في المعهد العلمي يفيض ما يقبضونه عن قوتهم وقوت عيالهم، فيودعونها عند أحد تلك الدكاكين قائلين باللهجة العامية: دوك سنّعهن. والشفرة معروفة، لا تحتاج إلى تفكيك أو شهود أو -ربما- كتابة خطية.
ولاحظنا الثقة الزائدة والاستثنائية بالمعاملة. فالتاجر يقبض من الموظف ثم يقوم بإقراض صاحب بناء لم يكتمل، أو صاحب مزرعة تحتاج إلى ماكينة ضخ جديدة، أو شراء قطع غيار لحرّاثة أو ذارية بها يُسيّر فلاحته.
لقلة منافذ الاستثمار، في بدايات صرف الحكومة رواتب نقدية للموظفين كان الفائض لدى الأفراد يذهب إلى متعاطي المداينات في غالبية المدن السعودية، ثم يضع الفائض عنده ويقول له:
• هاك سنّعهن. أي إليك بإقراض صاحب الحاجة بطريقة بيع بضاعة له -للمحتاج- بثمن مؤجل. فـ «يلمسها» المحتاج بيده.. ثم يعرض عليه الديّان شراءها بثمن مُعجل، أي في الحال. ويدفع له النقد. وهكذا... على أساس عدم الوقوع في شبهة الربا.
إذا مرّ العام.. جاء الديّان إلى المدين، وقال له: جاهزات؟ أو «نقلبهن» والكلمة الأخيرة تعنى الدين بالفائدة المركبة.
وعادة يكون الزبون (المدين) مزارعاً. وفي السنين الأخيرة صار معظم المقترضين من الذين يبنون منازلهم ويحتاجون إلى السيولة.
كان هذا النوع من الاستثمار يلبي طموحات أصحاب الفائض. وأظن أن هذه الثقافة لازمتنا.. فنحن لانزال نبحث عن السهولة في مساهمات الأراضي وأسهم الشركات.
أظن -وهو مجرد ظن- أن مَنْ لديهم الفائض سيظلون يبحثون عن الهيّن الليّن من الكسب، لاسيما بعد القيود الجديدة والقديمة على العمالة غير السعودية.
A_Althukair@