ولفت «مالي» إلى أن العالم سيكون مضطرا للتعامل مع وغربلة تداعيات الأحداث التي جرت العام الماضي، بداية من جائحة كورونا المستجد إلى التأثير المتزايد لتغير المناخ، وسياسات الأرض المحروقة التي انتهجتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد انتخاب جو بايدن، والحرب الأذرية الأرمينية بسبب ناغورنو قره باخ، والصراع في منطقة تيغراي الإثيوبية.
ومضى يقول: في دول مثل لبنان، السودان، وفنزويلا، يمكن توقع زيادة في عدد العاطلين عن العمل، وانهيار الدخل، واعتماد عامة المواطنين على دعم الدولة في وقت تكون فيه الحكومات غير قادرة على توفير ما يلزم الناس من احتياجات أساسية.
واستبعد في الوقت نفسه أن تخصص الولايات المتحدة وأوروبا أو غيرها من الجهات المانحة مساعدات مالية كافية لمواجهة الفوضى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المحلية المترتبة على تفشي فيروس كورونا.
وحول أهم الصراعات المرتقبة في العام الجديد، قال الكاتب إن الوضع في أفغانستان يجب أن يكون على رأس تلك الصراعات.
وتابع: رغم التقدم الضئيل في محادثات السلام، فقد تسوء أمور كثيرة في أفغانستان في 2021. بعد حوالي عقدين من القتال، وقّعت الحكومة الأمريكية اتفاقاً مع متمردي طالبان في فبراير الماضي.
وأردف: تعهدت واشنطن بسحب قواتها من أفغانستان، مقابل تعهدات من طالبان بمنع الإرهابيين من استخدام البلاد للعمليات والدخول في محادثات مع الحكومة الأفغانية. لكن الانسحاب الأمريكي السريع قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الحكومة الأفغانية، وربما إلى حرب أهلية واسعة ومتعددة الأطراف. لكن في الوقت نفسه، قد يدفع الوجود الطويل طالبان إلى الابتعاد عن المحادثات وتكثيف هجماتها، ما يؤدي إلى تصعيد كبير.
أما ثاني الصراعات التي تستحق المراقبة، بحسب الكاتب، فهو الوضع في إثيوبيا.
ومضى يقول: في نوفمبر الماضي، بدأت القوات الفيدرالية الإثيوبية هجوماً على منطقة تيغراي بعد هجوم قاتل من تيغراي والاستيلاء على الوحدات العسكرية الفيدرالية في المنطقة. وبنهاية نوفمبر، دخل الجيش إلى ميكيلي عاصمة تيغراي.
وأضاف: لا تزال الأمور غير واضحة، في ظل التعتيم الإعلامي. لكن من المحتمل أن النزاع تسبب في وقوع آلاف القتلى، بمَنْ فيهم العديد من المدنيين، إضافة إلى نزوح أكثر من مليون شخص داخلياً وفرار 50 ألفاً إلى السودان.
وأردف: إذا استثمرت الحكومة الفيدرالية بكثافة في تيغراي، وعملت مع الخدمة المدنية المحلية بدل إفراغها من جبهة تحرير تيغراي، وأوقفت المضايقات بحق التيغراي في أماكن أخرى، وعملت على إدارة المناطق المتنازع عليها بدلا من تركها لمسؤولي أمهرة، فقد يكون هناك بعض الأمل في السلام.
وشدد على أنه في حال غياب التحرك نحو حوار وطني لمعالجة الانقسامات العميقة في البلاد في تيغراي وخارجها، فإن التوقعات قاتمة.
ولفت «مالي» إلى استمرار تفاقم الأزمة التي تجتاح منطقة الساحل الأفريقي في التفاقم، مع تزايد العنف العرقي وتوسع انتشار المتطرفين.
ومضى يقول: كان عام 2020 العام الأكثر دموية منذ بداية الأزمة في 2012، واجتياح متطرفين شمال مالي، ما دفع المنطقة إلى اضطراب طويل الأمد.
وتابع: دون بذل المزيد من الجهود لمعالجة الأزمة في منطقة الساحل، فمن الصعب إنقاذها من الاضطرابات.
وأوضح أن الأمر يتطلب جهوداً من الجهات الفاعلة الحكومية وغيرها للتركيز على الوساطة في النزاعات المحلية والتفاوض مع المسلحين عند الضرورة، واستخدام الاتفاقات الناتجة عن ذلك لإعادة سلطة الدولة.
وأضاف: تعتبر العمليات العسكرية الأجنبية ضرورية، لكن يتعين على الأطراف الدولية التأكيد على صنع السلام المحلي والضغط لإصلاح الحكم.
ومن بين الصراعات التي يتعين مراقبتها في العام الجديد أيضا تلك التي في الصومال.
وتابع: تلوح الانتخابات في الصومال وسط خلافات مريرة بين الرئيس محمد عبدالله محمد وخصومه، ويتوقف الكثير على الانتخابات الرئاسية في فبراير.
وبحسب الكاتب، فإن إجراء انتخابات نزيهة وقبول الأحزاب الرئيسية بنتائجها يمكن أن يسمح لقادة الصومال وداعميهم الأجانب، بتكثيف الجهود للتوصل إلى اتفاق حول الفيدرالية والترتيبات الدستورية وتسريع إصلاح قطاع الأمن.
وحذر من أن أي نزاع حول نتائج الانتخابات يمكن أن يؤدي إلى أزمة سياسية توسع الهوة بين مقديشو والمناطق، ما قد يؤدي إلى اندلاع أعمال عنف بين القبائل.
ونوه «مالي» بأن التوصل إلى سلام دائم في ليبيا عملية شاقة، رغم أن الائتلافات العسكرية المتنافسة في ليبيا متوقفة عن التقاتل مع استئناف الأمم المتحدة مفاوضات إعادة توحيد البلاد.
ومضى يقول: لا يبدو محتملاً اندلاع القتال مرة أخرى في المستقبل القريب، لأن الجهات الخارجية الحريصة على تعزيز نفوذها، لا تريد جولة أخرى من الأعمال العدائية المفتوحة.