الأريحية ودقة التنظيم والاهتمام المقرون بـ«نفس أبوي»، في تعامل المملكة مع هذه الفئة، أضفى بعدا عميقا للمفهوم الإنساني، خلال الجائحة، مشكلا لوحة فنية مرسومة برعاية فائقة وألوان غير مألوفة، في الوقت الذي تستنفر فيه، جهود القطاعات الحكومية، جنبا إلى جنب مع الجهات الخاصة وغير الربحية، لرسم صورة تتمايز عن غيرها في العالم أجمع، بأبعادها وأشكالها ودوائرها الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية.
«التجهيزات».. إنجاز عالمي
أكثر ما أثار دهشة العاملة في القطاع الصحي د. آية علي، ليس فقط، سرعة وصول اللقاح والإجراءات التنظيمية، وإنما جاهزية المراكز بهذا الشكل الكبير والإمكانيات الرائعة المتوفرة فيه، في هذا الوقت، متسائلة «متى تمت كل تلك التجهيزات الاحترافية؟».
تقول آية علي: «المدهش حقا في الأمر هو اكتمال التجهيزات بهذا الكم من الروعة في هذا الوقت القياسي»، مشيرة إلى أنها عملت خلال فترة الجائحة مع مرضى «كوفيد - 19» بشكل يومي، وكانت فترة استثنائية أثبتت فيها المملكة ريادتها.
وأضافت إن تعامل المملكة مع الجائحة «إنساني» إلى أبعد درجة، وهو ما ميز تجربتها عن بقية دول العالم، مشيرة إلى أنه جرى توفير الغالي والنفيس للحفاظ على صحة المواطن والمقيم.
وأكملت أنها جاءت لمركز لقاحات الدمام، مرافقة مع أحد أقاربها، ووجدت المركز يتميز بمستوى عال من التنظيم والإدارة والشغف، فضلا عن كفاءة جميع العاملين بالمركز.
وحثت الجميع بعدم الاسمتاع للشائعات حول اللقاح، واستسقاء المعلومات من الجهات الرسمية المختصة، مؤكدة أن مختصي الأمراض المعدية أثبتوا سلامة اللقاح.
«السرعة».. مهارة تحدي الوقت
قبل توجهه إلى مركز اللقاحات، تقدم علي المحروس، لجهة عمله بإذن تأخير، إذ كان يتوقع أن الأمر سيستغرق وقتا طويلا. كان متأهبا لساعات انتظار طويلة، في إحدى قاعات المركز، خاصة مع ارتفاع الإقبال في الفترة الأخيرة، ولم يدر في مخيلته أن يستغرق الأمر بضعة دقائق فقط.
يقول «المحروس»، إنه فوجئ بمستوى عالٍ من الدقة والمهارة والجهد، بشكل فاق توقعاته بكثير، وهو ما دفعه - بشكل لا إرادي - إلى تقديم الشكر لكل عامل يقابله في المركز.
وأوضح أنه تلقى اللقاح دون أن يشعر بأي ألم أو أعراض، وحث الجميع على التسجيل والمبادرة لتلقي اللقاح.
وأكد أن المملكة استعدت بشكل استثنائي، لاستقبال المواطنين والمقيمين بمراكز اللقاحات، ووفرت للجميع أقصى درجات الحماية، منذ بدء الجائحة، فضلا عن دورها الاستباقي في درء التداعيات السلبية للجائحة، وتوفير بنية تكنولوجية رائعة لاستمرار العمل والتعليم عن بعد.
«التنظيم».. ريادة مستحقة
على الرغم من أن الكثيرين أعربوا عن دهشتهم وانبهارهم بما قدمته المملكة خلال فترة الجائحة، إلا أن المواطن أحمد الجلال، اعتبر أن ذلك ليس أمرا غريبا على عطاء المملكة وخبرتها في التنظيم، مستدلا على ذلك بتنظيمها موسم الحج، الحدث الأكبر عالميا، في كل عام، وعلى مر العصور.
يقول «الجلال»، إنه زار عددا من الدول، ولم يجد في أي مكان قدرة تضاهي المملكة في التعامل مع الأحداث المختلفة، وخير دليل على ذلك هو موسم الحج الذي يبين الجهود الكبيرة التي تقوم بها المملكة والريادة الخاصة بها في تنظيم الأحداث الكبرى.
وحول الإجراءات التنظيمية بمراكز اللقاح، يوضح «الجلال»، أن أبرز الأمور الملفتة له، هو حفاوة الاستقبال رغم الضغوط التي يتعرض لها الطاقم الصحي، مشيرا إلى أن العاملين لديهم قدرة استثنائية، على التعامل الإيجابي، وبث الروح الإيجابية والتفاؤل والاطمئنان.
وأكد انسيابية كافة الإجراءات وعدم تعرضه لأي أزمة بدءا من التسجيل وحتى أخذ اللقاح، مشيرا إلى أن المملكة تسعى دوما لمصلحة المواطنين والمقيمين مهما كانت الكلفة.
«سواعد».. نموذج العمل الإنساني
أوضح المدير التنفيذي لجمعية سواعد للإعاقة الحركية، خالد الهاجري أن المملكة استنفرت كافة جهودها، بالشراكة مع القطاع الخاص، لمواجهة تداعيات الجائحة، مبينا أن الكثير من القطاعات غير الربحية، تأثرت خلال الجائحة ومن ضمنها جمعية سواعد، بسبب توقف النقل إلا للأمور الطارئة كمراجعات المستشفيات والجهات الحكومية.
وأضاف «جاءت فكرة التعاون مع الجهات التي تسعى لمحاربة آثار الجائحة عن طريق تقديم خدمات السيارات المجهزة لنقل ذوي الاحتياجات، وكانت البداية نقل الأشخاص ذوي الإعاقة من المحاجر الصحية إلى مناطق المملكة خارج المنطقة الشرقية، ثم جاءت مبادرة نقل ذوي الإعاقة الحركية وكبار السن من منازلهم إلى مركز لقاحات كورونا ثم إعادتهم إلى المنازل، وذلك عقب حضور أحد الأشخاص إلى الجمعية لنقل والدته من المنزل إلى المركز.
وتابع أنه بحث في عدة جهات ولم يجد هذه الخدمة متوفرة، وتم نقل السيدة على الفور، مشيرا إلى أن فريق النقل بالجمعية وضع الأولوية لمواعيد اللقاح في حال تعارضها مع مواعيد أخرى.
وبين «الهاجري»، أنه جرى نقل عدد كبير من المستفيدين، وفق مواعيد مجدولة لضمان التنظيم الجيد، كما تم تقسيم دوام السائقين إلى مجموعة تعمل في الصباح وأخرى في المساء، فضلا عن العمل في أيام الإجازة الأسبوعية.
وأشار إلى أن أي راغب في الخدمة يمكنه الاتصال برقم الجمعية قبل 24 ساعة من الموعد مع تحديد موقع المنزل؛ حتى يتم توفير السيارة المجهزة لنقله، مشيرا إلى أن الجمعية تسعى للتوسع في هذه الخدمة على أكبر نطاق ممكن.
«الأمراض المزمنة».. أقصى درجات الأمان
يوضح المواطن صالح الدوسري، أن معاناته من أمراض القلب والضغط، كانت دافعا، للمبادرة في التسجيل، موضحا أنه لم ينصت للشائعات المتداولة حول عدم مأمونية اللقاح أو خطورته على ذوي الأمراض المزمنة.
وأكد «الدوسري» ثقته في كافة الإجراءات التي تتبعها الجهات المعنية لاعتماد أي دواء، قائلا: كلي ثقة في أن الحكومة لن توفر أي لقاح يضر المواطنين والمقيمين».
وأضاف «رغم الخوف والتردد الذي ظهر في بداية وصول اللقاح من قبل البعض، إلا أنه لم يتردد لثقته في جهود وزارة الصحة واتباع الجهات المعنية أقصى درجات الأمان»، مشيرا إلى أن الإقبال المتزايد عزز من حماسه على الإقدام دون أدنى خوف.