ما يُثير استيائي حقيقة في الحياة اليومية وجود طاقة المجاملات السّامة التي تتغطى برداء الإيجابية، والتي قد تحطّم الكيان الإنساني والأخلاقي، سواء في الأجواء العملية، أو مع الأهل والأصدقاء، أو حتى مع الغرباء، أنا لستُ ضد الكلام الجميل، ومنح المودة والتقدير، ولكنني ضد أن نطبّل للأخطاء التي نراها أمامنا، وحتى نخلّص أنفسنا من عبء العتب نلجأ للمجاملات غير الحقيقية، مهم جدًّا أن نكون صادقين، ونتخلّص من الخجل أو التخوّف من مواجهة الطرف الآخر برأينا الحقيقي، ولنتكلم بصراحة أكثر، هناك مَنْ يُكابر ولا يتقبّل النقد أو سماع النصيحة النافعة له، خاصةً في الزمن الافتراضي الذي جعلنا أكثر قربًا من بعضنا؛ لذلك يجب أن نكتسب ثقافة التقبّل، ونقتنع بحاجتنا الماسّة لمواجهة أنفسنا والآخرين بالحقائق، مهما كانت قاسية، لا لنتحطّم، بل لنخلق من ذاتنا شخصًا جديدًا ومختلفًا وقادرًا على النهوض في جميع الأحوال.
أشعر أحيانًا بأننا أصبحنا في زمن «الاختلاف يُفسد للود قضية»، البعض عنجهي في ردود أفعاله، ويواجه المنتقد وكأن الانتقاد نوع من الشتيمة، لا سيما أن هناك فرقًا بين أن تُبدي رأيك بتجريح وتنمّر، وأن تستخدم أسلوبًا رائعًا عندما توجّه سهم انتقادك نحو الهدف الصحيح، نحن لا نحاول أن نُغيّر ما لا ينفع مجتمعنا، بل لنصحّح الأفكار ونبلورها من أجل صحة كيان الإنسان والمجتمع، ولنتصالح أكثر مع أنفسنا، ولنؤكد أننا نقبل ونتقبّل الاختلافات، ومَنْ سينتقدنا بحب نأخذ منه ما ينفعنا، ومَن ينتقدنا ليهدم من عزمنا بانتقاده الهدّام سينفعنا أكثر مما نظن، الذكاء العاطفي مطلوب لمواجهة النقد اللاذع الذي إذا لم يصدمك فلن يتغيّر شيء فيك نحو الأفضل.
بالنسبة لنا ككُتّاب نفتقد سهام النقاد في فضاءاتنا الأدبية، الذي سبّب الكثير من الفوضى الثقافية العارمة، يجب علينا أن نقوم بدور الناقد الحقيقي حتى نكون عكس التيّار؛ لأن القلم بندقية الأديب التي سيواجه بها العالم، ويسعى إلى خلق الكمال والسلام، نحن نكتب لنتمرّد، لنفضفض، لنهرب، لنصرخ لنوثّق تاريخ الأشياء؛ لأن الكيان الثقافي أيضًا داعم كبير للطاقة الكونية، ولك لتكون أنت ووطنك ومجتمعك نسخة استثنائية غير مكررة على خارطة الكرة الأرضية.
@DalalAlMasha3er