سنة جديدة وبداية جديدة، وكل عام وأنتم بخير أعزائي القراء بحلول السنة الميلادية. السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل كاتب وقارئ، ماذا يحتاج القارئ ليعرفه في هذا الزمن؟ وما هي الأولويات المعرفية في عصر التزاحم والتنافس الإعلامي ومعمعة وسائل التواصل الاجتماعي. لنسأل أنفسنا: هل لدينا نهم إخباري للثقافة أم للسياسة أم الاقتصاد أم العلوم أم الصحة أم الفكاهة، أم مواضيع تمس حاجتنا الحياتية وتقوي شخصيتنا وفكرنا، وتضع اليد على جرح أوجاعنا واهتماماتنا، أم نحتاج لكل ما ذكر مع اختلاف المهم والأهم.
بعضنا متفاهم مع الواقع مع وجود أزمة فكر، والبعض لديه فكر سليم وتصادم مع الواقع، لكن مَنْ يؤثر ويغذي الآخر الفكر أم الواقع؟ إذا كان اللوم على واقعنا فهل نحتاج إلى غربلة أنفسنا «بأنفسنا» أم ننتظر غيرنا كي يغربلها.. فالغربلة تختصر الخيارات كي يسهل علينا التعايش. أم اللوم على الفكر الذي يغذي عقولنا، وهل نحتاج إلى إعادة صياغة هذا الفكر، ومَنْ المسؤول عن إعادة صياغته؟ هل هو المرسل أم المتلقي أم المسؤول الإعلامي؟ وهل نحتاج إلى مناعة فكرية، فالمناعة سر الصمود في الأزمات وترياق لكل الهزات، والجميع لا يختلف معي إننا بحاجة إلى فكر سليم وفهم للواقع، لكي نتصالح مع واقعنا بفكرنا، فالواقع يؤثر على أفكارنا، وأفكارنا تؤطر واقعنا.
الحقيقة أننا نعيش أزمة فكر بين المرسل والمستقبل! أزمة ماذا يريد المتلقي من المرسل وماذا يعرف المرسل عن حاجيات المتلقي، إنها أزمة برمجة في توجيه العقول، وواقع تصادم وتناقض للأفكار المطروحة. إن فكرنا ملياً، فإن هذا الوضع صحي وطبيعي باختلاف عقول ومشارب المرسل، فالأمم والحضارات لا تتطور إلا بالأزمات، فهي تقودها إلى تجديد فكرها، والأزمة تعطي أفكارا خلاقة لإعادة الحسابات والتجديد والتعلم من أخطاء الماضي، فالأزمات أزلية مع الإنسان.
نحن أبناء هذا اليوم، وعلى عاتقنا مسؤوليات كثيرة. لنتعلم من الماضي ولنفكر بالمستقبل، وأن نعرف ما هو الفكر المطلوب لبناء ونمو المجتمع، ولديمومة وتطور وطننا الجميل، إنه يا سادة فكر العطاء والاحترام والمصالحة والتعاون والاعتراف بشركاء الوطن، وأقولها بالعامية (الكل يبغى يعيش).
fawzisadeq@