لم يخل تاريخ اللعبة من النجوم، فلو تتبعت مسيرة أي لعبة من الألعاب، فستجد أسماء كثيرة أمامك محفورة في ذاكرة اللعبة. قد تكون هذه الأسماء حصدت النجومية أو الشهرة في وقتها. لكن نجوميتها تختلف عن نجومية اللحظة الراهنة، الفروق شاسعة ما بينهما، فلو قارنت على سبيل المثال نجوم كرة القدم في السبعينات والثمانينات بنجوم اللعبة في الفترة الراهنة، لهالك الفرق من جميع الجوانب: المعيشي والاجتماعي والإعلامي والنفسي، لا سيما أن المهارات قد لا تختلف كثيرا عند ذاك اللاعب الذي زامن تلك الفترة، أو هذا اللاعب الذي يعيش اللحظة. لذلك ظاهرة النجومية هي المتغير حسب الظروف والتحولات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في العالم، بينما المهارات هي الثابتة نوعا ما. وما يجري على اللاعب النجم يجري على بقية المشاهير والنجوم في جميع المجالات.
كل هذا يمكن تفهم أسبابه في هذا السياق الذي نتحدث فيه. لكن كيف نتفهم أن يصبح الشاعر نجما ضمن نجوم الفن والرياضة ويعامل مثلما يعاملون؟!
هناك شعراء عرب ارتبطت بهم النجومية ارتباطا وثيقا، أملتها عليهم ظروف المرحلة أن يكونوا كذلك، في بعدها السياسي والاجتماعي والثقافي من جانب، والاستعداد النفسي والذهني والموهبة الشعرية التي ينطوي عليها من جانب آخر، جميعها ساهمت في أن يتحول الشاعر إلى نجم إعلامي يتسيد المنابر والمنصات، وهناك العديد منهم بدءا من الجواهري وانتهاء عند محمود درويش.
(عند هذه النقطة دائما ما تثار هذه المسألة، هل النجومية تلغي شاعرية الشاعر أو على أقل تقدير تؤثر فيها سلبا؟ في ظني نعم. لكن نؤجل النقاش فيها في مقال آخر).
لكن نجومية هؤلاء تختلف عن نجومية اللحظة الراهنة، فهؤلاء كانت نجوميتهم ضمن حدود معروفة تمس الأدب والشعر على الأقل ظاهريا، بينما المسار الحالي لظاهرة النجم فتحت الحدود على بعضها البعض، وأصبح بإمكان الشاعر أن يقوم بأدوار النجومية مثلما يقوم بها اللاعب أو الفنان من دعاية وحضور اجتماعي ورسمي إلى آخره من هذه الأدوار. وبالتالي أصبحت نجومية اللحظة الراهنة في الثقافة المعاصرة قادرة على أن تمتص جميع الوظائف التي تختص بكل نجم في مجاله، ومن ثم تحويلها إلى وظائف مشتركة تحت مسميات عديدة أبرزها «صناعة المحتوى» الذي يمنح الشاعر والموسيقي والمطرب والممثل والمسرحي والملحن أن يكونوا جزءا لا يتجزأ من العمل الذي يصنع النجوم.
[email protected]