الزواج من أجمل الأشياء التي قد تحصل للفرد منا في حياته، والحب أحد أركان الزواج الناجح ولكنه في الحقيقة ليس كل شيء، بل هو أحد العوامل المهمة لنجاح علاقة الزواج، ولقد بالغنا فيه حتى جعلناه كل شيء، وأصبح الأزواج يكتشفون أنهم لا يحبون بعضهم البعض مع أول خلاف بسيط يتعرضون له، وتبدأ العلاقة بالفتور ويصبح التباعد مطلبا لكل شخص فيها.
العلاقة الزوجية هي رباط وثيق وسكن يأوي الزوج فيه إلى زوجه، قال جل وعلا (هو الذي خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) وهو رباط لا ينتهي بخلاف بسيط وجدار لا يتكسر مهما عظمت الطرقات عليه، بل يصمد ويقرب الزوجين بعضهما لبعض أكثر بعد كل خلاف مهما كبر إذا عرف كل منهما قيمة هذه العلاقة وسموها..
ولكن لكي تنجح هذه العلاقة وتستمر، فلا بد أن تبنى أولا على حسن الاختيار وأن تكون نظرة الرجل والمرأة لكل منهما على حد سواء قائمة على التعقل والروية، فعلى ولي المرأة أن يجتهد في السؤال عن دين الرجل وأخلاقه، وهما شرطان مهمان لا ينبغي أن ينقص أحدهما عن الآخر، قال عليه الصلاة والسلام (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) فكلما اجتهد الوالي في السؤال والتحقق كان أفضل وأحسن، فقد يكون المتقدم يملك أحد الشيئين دون الآخر فتظهر عواقب سوء الاختيار بعد الزواج، وعلى الزوج أن يبحث عن ذات الشيء في الزوجة فيبحث عن ذات الدين والخلق، وعندما يجتهد الطرفان في البحث ويتم الارتباط تبدأ هنا عوامل تعين على استمرار هذه العلاقة، فمن ذلك أن تكون نظرة كل من الزوج والزوجة إلى بعضهما البعض نظرة شمولية غير قاصرة بحيث لا يركز أحدهما على الجوانب السلبية في الآخر ويضخمها، بل ينبغي أن يتغاضى كل منهما عنها ويمررها ويكون التركيز منصبا على الجوانب الإيجابية عند الطرف الآخر، فنحن بشر يعترينا ما يعتري غيرنا من الأخطاء والقصور، وعند ذلك تنشأ الألفة بين الطرفين وتدوم السعادة،،
فالنظرة البعيدة بالعين المجردة أجمل وأفضل بكثير من استخدام بؤرة التقريب في عدسة الكاميرا، والعلاقة لا تنحصر بموقف معين بل تقدر بنسبة وتناسب، فلو قدر لنا أن تعرضنا لموقف يعكر صفو علاقتنا ببعضنا البعض، فلنعمل بوصية د. جاسم المطوع حين نصح المرأة التي جاءته تستشيره في طلب الطلاق من زوجها فوجهها إلى أن تقوم بكتابة كل ما تعرفه عنه من جوانب إيجابية، وعند ذلك عرفت قيمة الرجل الذي ترتبط به، وتجنبت أن تكون كما قيل في المثل العربي (في الصيف ضيعت اللبن)، وفي المقابل كذلك ينبغي على الزوج أن يكتب كل مزايا زوجته ليعرف قدرها ولا يجعل لمشورة قليلي الحكمة وللشيطان مدخلا عليه، قال عليه الصلاة والسلام (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ)، ومن ذلك أيضا أن تكون أسرار البيت بين الزوجين وألا ندع المجال لتدخل طرف ثالث من الأهل ما لم تدعو الحاجة لذلك، لتبقى صورة الرجل والمرأة أمام أهله وأهلها ناصعة البياض لا تشوبها شائبة، فلا يتحدث الرجل عن زوجته بسوء عند أهله مهما بدر منها لتبقى صورتها جميلة دوما في عيونهم، وفي المقابل لا تنقل الزوجة أحوال زوجها إلى أهلها فتشوه صورته ويرونه بعيونها دون عيونهم.
ومن الجميل أن يقدم الزوجان على حضور الدورات التدريبية قبل وبعد الزواج والتي تعين على أن يفهم الطرفان أسرار العلاقة الزوجية ويسهم في استمرارها،
وختاما فالزواج أسمى أنواع العلاقات وأشرفها وهو تلك العلاقة السامية التي تسعى المدنية الحديثة لتدميرها لتصبح حياتنا غابة لا يهنأ فيها أحد برغد عيش بل يلهث وراء سراب لا تتحقق فيه السعادة المنشودة أبدا.
قال الشاعر:
وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ
وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا
@azmani21