مؤلم كثيراً أن نتعلق بعادات اكتسبناها مؤخراً وأصبحنا نعاني من أضرارها دون وجود الجرأة الكافية للتخلي عنها وأحياناً بأشخاص علقتنا الظروف بهم أو أمور اعتدنا على وجودها في حياتنا وفجأة نعتزلها ونغادرها دون تردد، تلك الأشياء التي أحببناها وأصبحت تؤذينا قد تتعدد أشكالها كنمط حياة روتينية مملة، ككتاب لا روح فيه ليغير مزاجك، كمكان خلوتك الذي لم تعد تجد فيه راحتك، كمقهى أصبح يؤذي ذاكرتك أو حتى كصديق كثير الثرثرة ومتشائم، كزميل حاسد وآخر منافس حاقد وهكذا، لسنا مجبرين على البقاء في ذلك المحيط الخانق فلنعتزل ما يؤذينا قبل فوات الأوان دون خجل أو تردد حتى لا تؤلمنا لعنة الخيبة المُنتظرة. وتأكد لن ينقصك شيء بل ستتعلم وتصبح خبيراً في انتقائك لكل ما يجلب لك راحة البال والقلب، العمر من ذهب لا تهدره فيما يحزنك ويقلقك ويسلب منك راحتك وثقتك بنفسك، فاعتزالك لكل ما يؤذيك إكراماً وتكريماً لك ولذاتك في مقامها الأول وكلام الناس السلبيين لا يأتي ضمن الحسبان، أحيانا قد يبدو لي أن بعضهم يجهلون معاني الحُب في حياتهم وقيمته العالية عندما أضاعوا هوية مبادئهم وتعطلّت بوصلة مشاعرهم في صحراء قاحلة ليست بها سوى أفكارهم السوداوية المسمومة، هؤلاء الذين لوثوا مفاهيم المودة وصون العهود وحفظ الإسرار وفتحوا أبواب أفئدتهم على مصراعيها بعدما تحولت إلى شقق فندقية رخيصة بلا نجوم ليرقص في ساحتها العابرون والخُبثاء أشباههم بائعو الوعود الكاذبة والكلام المزيف والمصالح الزائلة ويعتبرون الحب هو مجرد شعور عابر ينتهي مفعوله لحظة انتهاء مصالحهم.
المحبة الحقيقية هي محبة الذات التي تحفظ للإنسان كرامته وتُسقى بالطهارة ليدوم بقاء الودّ والأصالة بين الناس الطيبين الذين يسقون من يحبون اهتماماً ومعزة ودعماً معنوياً بلا حد يعيدهم إلى ذاتهم الجميلة والقوية والمُنتصرة دوماً بالمشاعر الإيجابية، الحب والإنسانية وجهان لعملة واحدة وأن نشعر بما تخفيه ملامح من نحب قبل أن يتكلم ونستطيع أن نقرأها في ملامحه مهما حاولَ طمسها بأحاسيس مزيّفة، لذلك مهما واجهت في حياتك من ظروف أو مواقف قاسية لا تظن أنك الوحيد المتألم في هذا العالم، جرّب أن تتقاسم همك مع الطبيعة والكون واقترب من الناس وبادلهم التقدير والكلمات المعسولة كُن لطيفا فوق العادة واستشعر بلذة وسحر مبادراتك التي ستغيّرك إلى شخص أفضل، رغم الحزن الكثيف الذي قد ينسي الإنسان نفسه ويعرضه للذبول، كلمة طيّبة منك ستمسح دمعه وتخلق لسعادته أجنحة تحلّق به في السماء وتقتل كل شرارات الضغينة والظنون السيئة والتشاؤم وتُعيد إلى قلبه الثقة وروح التفاؤل والانتشاء، لذلك عندما تشعر بنوبة الضياع في حياتك وخطواتك وحتى علاقاتك بشكل عام فهذا مؤشر صحي سيدفعك لتبحث عن ما ينقصك ليسعدك ليقربك من حدود الرضا والكمال حتى تصنع إنجازا جديدا يُنير عتمتك فلا تيأس، التشتت الفكري والعاطفي يعني أنك قريب من الهدف ولكن ذاتك بحاجة إلى المزيد من الحب والتركيز على مشاعرك وصياغة الأحلام المتبعثرة كما يليق بطموحاتك.
صديقي القارئ، وعدوّي المُتابع لأسطري المتواضعة اعتبروا هذه الرسالة وصيّة كونية لكم، فماذا تنتظرون؟!
@DalalAlMasha3er