كلما زاد قدر الكراكيب في حياتك، تزداد الطاقة الراكدة التي تجذبها تلك الكراكيب، لذلك فإن الاقتراح الأول لدفع عجلة حياتك إلى الأمام هو التخلص من الكراكيب حتى تتمكن من بدء حياتك بشكل جديد ومنعش، كما أن وجود هذه الكراكيب حولنا بشكل دائم يجعلنا دائما نعيش في الماضي، لعدم وجود أماكن بشكل مادي أو معنوي لخلق مساحات جديدة نعيش فيها، مما يجعلنا مأسورين بهذه الكراكيب وتذكر ما تمثله دون أن تتطلع أنظارنا إلى المستقبل، وقد تكون الدوافع النفسية لاحتفاظنا بها هو اعتقادنا باحتياجنا لها في يوم ما، وأحيانا لتعلقنا بالأشياء رغم عدم وجود فائدة لها، وقد يكون السبب حب التملك لكل شيء، أو بسبب عادة ورثناها عن أهلنا. وتشبه الكراكيب التي تتزاحم فوق أسطح غرفتك وداخل الدواليب تلك المشاكل المعلقة في رأسك والقرارات المؤجلة في حياتك، والتي تنتظر منك شجاعة البت والحسم والمواجهة، لكن تراكمها يعيق من قدرتك على التفكير بوضوح ونقاء، خاصة إذا كانت تلك الأشياء هي أول ما تقع عليه عيناك عندما تستيقظ صباحا، مما سيجعلك تستيقظ بفتور وخمول، ولهذا يعد التخلص من كل الكراكيب في المنزل هو أفضل الطرائق لبيئة هادئة متجددة الطاقة، فجسدك هو شكل مادي مؤقت كالتمثال تتجسد فيه روحك، وكل الأشياء التي تحتفظ بها في المجال الخارجي المحيط بذلك التمثال تحتاج للتغيير تماما مثلما تتغير أنت وتنمو، حتى تصبح تلك الأشياء قادرة على أن تعكس ذاتك، خاصة إذا كنت مهتما بتحسين مزاجك النفسي وتحفيز ذاتك، فسوف تحتاج إلى تحديث البيئة المحيطة بك باستمرار، وأن تعتبر ذلك دلالة على تقدمك، رغم خشية العديد من مواجهة الحالة الشعورية التي قد يمرون بها خلال عملية تصنيف الأشياء وترتيبها، أو الشعور بالندم فيما بعد للتخلص من بعض المتعلقات، أو تعريض أنفسهم لمواجهة بعض الذكريات غير المريحة، ومهما تعددت الأسباب فلن تكون تلك المبررات كافية لإهمال تلك المهمة، لأن الآثار الإيجابية التي تنتج عن التخلص من تلك الكراكيب تستحق عناء الحصول عليها، فلا يمكن أن يتجمع الحب والخوف في المكان نفسه، لذلك فإن كل شيء تحتفظ به في حياتك بدافع الخوف يمنع فرصة دخول المزيد من الحب في حياتك، وإن تخلصك من ذلك الخوف سيفتح طريقا للمزيد من الحب للنفاذ في مساراتك، وكما يمنعك الخوف من أن تكون بصورتك الحقيقية ومن أن تعيش حياتك بالشكل الأمثل، فإن خوف التخلص من الكراكيب يعد عائقا يعترض طريق التجدد وتدفق الطاقة في حياتك، حيث تعتمد عملية التخلص من الكراكيب على فكرة إطلاق سراح الأشياء، والسماح لها بالرحيل، فالأمر ليس مجرد التخلي عن مقتنيات، فهذا ليس سوى النتيجة الملموسة فحسب، ولكن الشيء الأهم يتمثل في التخلص من الخوف الذي يجعلك تتمسك بالأشياء رغم انتهاء دورها في حياتك، فالحياة تتغير على نحو متواصل، لذلك عليك أن تستمتع بالأشياء التي تأتي إليك وتستخدمها الاستخدام الأمثل، وعندما يحين الوقت لأن تتخلى عنها فعليك أن تفعل ذلك دون تردد، فحقيقة أنك تمتلك شيئا ما لا يبرر أبدا احتفاظك به للأبد، فأنت لست سوى حارس مؤتمن ومؤقت لأشياء كثيرة تعبر في حياتك، ولهذا فإن التحرر من ذلك الخوف وتعلم السماح بالرحيل، هو أجمل الهدايا التي تقدمها لنفسك.
LamaAlghalayini@