النتائج التي ذكرتها أعلاه هي أساس في تشخيص معضلة البطالة، التي نواجهها في المملكة، وكوجهة نظر شخصية أرى مؤشراً خطيراً عندما نجد أن أكثر من نصف السعوديين العاطلين عن العمل حاصلون على درجة البكالوريوس، وما يقارب ربع السعوديين العاطلين عن العمل الحاصلين على شهادات الدبلوم فأعلى لديهم تخصصات في الدراسات الإنسانية، وهذا يعني أن هناك هدرا لإنفاق يُضخ في قطاع التعليم ينبغي التعامل معه بشكل أسرع سواء بوضع إستراتيجية لتحويل المسار التخصصي للعاطلين، بإلاضافة لإعادة النظر في التخصصات الحالية، التي يتم تدريسها في الجامعات بالمملكة، وما زلت أرى أن التركيز على التعليم المهني والتقني أصبح مطلباً أساسيًا لا يمكن التأخر فيه.
من النتائج الأخرى، التي أعلنت عنها الهيئة نجد أن ما نسبته 79% من المتعطلين السعوديين الذكور، و93.3% من المتعطلات السعوديات لم يسبق لهم العمل من قبل، أي أن معدلات البطالة في المملكة تنحصر وتتركز في فئة يمكن وصفها «بحديثي التخرج» بدون أي خبرة عملية، وتلك المعدلات لم نشهد لها أي تحسن يُذكر منذ بداية الإعلان عن نشرات سوق العمل، ولم نشهد أي تحرك فعلي في إيجاد الحلول لها.
ما يمكن استنتاجه من ذلك، نجد أن هناك ضعفا في دخول تلك الفئة لسوق العمل، وبتشخيص الواقع سنجد أن هناك أسباباً عديدة أدت لهذا الارتفاع، منها ما يمكن التحكم فيه وإيجاد الحلول السريعة له، ومنها يرجع لعدة اعتبارات اجتماعية وثقافية ليس من السهل التعامل معها، وتحتاج لمدة زمنية حتى يتم النجاح في التعامل معها، وكوجهة نظر شخصية أرى أن إعانات دعم الأجور، التي يقدمها صندوق الموارد البشرية في الوقت الحالي ينبغي أن تكون أكثر تخصيصًا حتى تعود بآثار إيجابية على سوق العمل والاقتصاد، مع مراعاة إعادة النظر في بعض الاشتراطات التعقيدية وغير المنطقية في برنامج دعم الأجور الحالي كإيقاف الدعم عن أي موظف مدعوم يرغب في مواصلة دراسته العليا أو الدراسة عن بُعد، فهذا يخالف توجهات رؤية المملكة في تطوير الأيدي العاملة السعودية، وكلي ثقة في مسؤولي الصندوق بإعادة النظر فيه حتى لا نزيد من حجم المشكلة الأساسية.
فيما يخص معدلات البطالة المناطقية للسعوديين، نجد أن أقل معدلات البطالة في المنطقة الشرقية بما يقارب 12% وأعلاها في منطقة المدينة المنورة بما يقارب 20.4%، وكما ذكرت سابقًا في أكثر من مقال أن أفضل حل للتعامل مع البطالة يكمن في إعطاء صلاحيات أكبر لإمارات المناطق للتعامل معها من خلال لجان التوطين، وفك المركزية البحتة، التي ننتهجها بالوقت الحالي، التي تُصعب الاستفادة من الحلول في الميز التنافسية، التي تمتلكها المناطق.
ختاماً؛ بعض المقترحات التي شاركتها وزارة الموارد البشرية مع العموم لإبداء آرائهم حولها قد يكون أثرها سلبياً بشكل غير متوقع على سوق العمل، فأتمنى أن تتأنى الوزارة في تطبيقها حتى نصل لبداية مسار الاستقرار، وما أخشاه حال تطبيق ما نشرته الوزارة حرفياً في مسوداتها هو انحراف المنشآت بشكل متسارع للخروج من السوق مما يتسبب ذلك في كارثة صعب الخروج منها، وباختصار «حلول البطالة في الوقت الحالي تحتاج لتواجد منشآت والحفاظ على المنشآت الحالية».
Khaled_Bn_Moh@