@Majid_alsuhaimi
هناك أعراف في الحياة أتمنى لو استطعت معرفة من ابتكرها وصدرها للناس لأسأل الله له الغفران والهداية عن جرمه العظيم، لأنه ابتدع واختلق ما لم ينزل به الله سلطانا، وخاصة مع متطلبات الحياة والغرق في كثرة تفاصيلها. أتحدث هنا عن ثقافة الاختلاف وأقصد بها أي اختلاف سواء كان اختلافا جوهريا وحتى سطحيا، في غالب الأمر يكون الاختلاف خلافا فما أن لا نتفق مع رأي ما إلا وبدأت غالبا تبرز وتظهر الحزازيات والكره، فاختلاف الزوجين أو الورثة والشركاء في الشركة أو عدم الاتفاق على بيعة ما أو خصوم في كرة القدم أو مناظرة تلفزيونية بين مختلفي الرأي أو حتى الصديقين أرض خصبة لذلك، الاختلاف في ذلك العرف البائس يمر بعدة تحولات يقل الحب ويزيد البغض ثم تقل المجالسة وتجنب المواجهة حتى القطيعة والكره بل قد تصل إلى النميمة وعدم تمني الخير ونسف كل ما كان ماضيا جميلا. لا أصدق كيف يحكم شخص ما على آخر بموقف واحد ويتناسى عشرة طويلة من العمر كانت صامدة أمام كل التغيرات؟ أين ثقافات الاختلاف المتعددة وأين من يفرقون بين الاختلاف والخلاف، إذا كانت للحروب أخلاقيات ففي ظني أن الاختلاف أولى بذلك، كم من أشقاء وأقارب وأصحاب اختلفوا فتقاطعوا وورثوا هذه القطيعة لأولادهم وزوجاتهم وتجذرت في كل أعماقهم. قرأت أن أبا سفيان رضي الله عنه قال للرسول عليه الصلاة والسلام ذات مرة (والله إني حاربتك فنعم المحارب أنت، وإني سالمتك فنعم المسالم أنت)، هذا أنموذج لرقي الاختلاف بل حتى المعارك والحروب، فما من خلق يدل على عديد الفضائل كمن يحسن إلى من اختلف معه ويذكر خصومه أو منافسيه بالخير ولا ينسف كل الماضي من أجل لحظة خلاف حتى وإن كان محقا. كل ذلك يمثل حالة من النهج والسلوك تصدر من الوعي والإدراك عند العقول المتقدمة التي تتوق لخوض هذه الحياة بأكثر المكاسب وأقل الخسائر، ما المشكلة أن يكون الخلاف متوازنا ويكون التعايش معه هو الأساس في مضي الحياة؟ هل يجب أن تستقيم كل الأمور كاملة مكملة حتى ننعم بالحياة وبالعلاقات السليمة مع الآخرين؟ سابقا حين كانت القلوب الصافية عند غالب الناس وحتى المسميات كانت تمتلئ رقيا، فكانوا يسمون «الزعل» «وقفة نفس» أو «وقفة خاطر» أو «شي بالخاطر» لم يذهبوا إلى قطيعة ومقاطعة وهدم ونسف وفجور في الخصومة. أن نؤمن بالاختلاف فهذا حق مكفول للجميع ولكن المشكلة عندما ينعدم التوقف عنده بل ويتجاوز بشكل كبير. المسألة ستكون في غاية البساطة لو سألنا أنفسنا لماذا الاختلاف ولماذا ردة الفعل هذه بعد الاختلاف وهل ستجدي نفعا أم ضررا؟.
وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل أودعكم قائلا (النيات الطيبة لا تخسر أبدا).. في أمان الله.
@Majid_alsuhaimi
@Majid_alsuhaimi