وأشاروا إلى تأكيد سموه القاطع بأن الفساد العدو الأول للتنمية والازدهار، وسبب ضياع الفرص الكبيرة، وأن استمرار المملكة في جهودها الرامية لاجتثاث الفساد من جذوره، سيعود على المملكة وشعبها بالخير الوفير كونه سيسهم في ازدهار اقتصادها، وفي استمرار مسيرتها التنموية بعيدًا عن براثن سرطان الاقتصاد وعدو التنمية.
وقالوا إن المملكة أضحت اليوم أمام منظومة متكاملة تضع موظفي الدولة ومؤسسات الحكومة تحت مجهر سيادة القانون، والنزاهة والشفافية عبر الإجراءات الوقائية، التي تلزم الجهات الحكومية باتخاذ جميع التدابير، التي تمنع حدوث أي تعارض في المصالح، ووضع سياسة للحد من تعارض المصالح ومخاطره ومعالجة حالاته، ومنع تأثير المصالح الخاصة للموظفين والمتعاملين في عدالة إجراءات المنافسات والمشتريات الحكومية ونزاهتها.
قوة لا تلين وذراع أمينة في ضبط القضايا
ذكر الباحث والمحلل السياسي مبارك آل عاتي: «أثبتت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد أنها قوة لا تلين وذراع أمينة للدولة في رصد وضبط قضايا الفساد في فترات متتابعة وسريعة ووجيزة، مؤكدة استمرار الحرب الحازمة بلا هوادة على الفساد والمفسدين، وأن تقادم القضية لا يسقطها من المتابعة والمحاسبة، والنجاحات التي تسجلها نزاهة في تطبيق النظام جاءت إحقاقا لمسؤولية الواجب الوطني المناط بها، مؤكدة أن يد العدل القوية ستطول كل الفاسدين والمفسدين قويهم وضعيفهم، كبيرهم وصغيرهم، الجديد منهم أو القديم، والهيئة أرادت أن تؤكد أن مكافحة الفساد أصبحت برنامج عمل وطني لا حياد عنه، ولا تهاون في تنفيذه، فهو عمل توجبه الأنظمة المرعية المستمدة من الشريعة السمحة والصرامة في تطبيق العدالة، وما تعلنه مكافحة الفساد بقدر ما كان مؤسفا لانطوائه على خيانة للأمانة إلا أنه دليل دامغ على أن الحرب على الفساد والفاسدين مهما كانت مواقعهم لن تتوقف، وكل مَنْ تورط سوف يحاسب مهما تقادمت قضيته، والسعودية التي أصبحت من أهم الدول المستقطبة للاستثمارات العالمية تريد أن تؤكد لرؤوس الأموال أنها ستكون محمية بعيون العدل الحازمة، وأن التنظيمات والإجراءات العدلية والحوكمة والمحاسبة تتطور وتراجع بشكل مستمر مع ذراع أمنية وعدلية قوية».
إعادة الحقوق وردع المتنفذين
أوضح المحلل السياسي يحيى التليدي «أن المملكة لا تقبل فسادا على أحد ولا ترضاه لأحد، ولا تعطي أيا كان حصانة في قضايا الفساد» مقولة أكدها خادم الحرمين الشريفين، فجعل النزاهة ومكافحة الفساد من مرتكزات التنمية، ونهجا دستوريا راسخا، ولم يغب ملف مكافحة الفساد عن رؤية سمو ولي العهد، فضرب بيد من حديد على أيدي الفاسدين، وخاض حربا لا هوادة فيها مهما كانت مكانتهم أو علا شأنهم، لترسيخ قيم النزاهة وإعادة الحقوق وردع المتنفذين، الذين قادتهم أطماعهم للاستيلاء على ما ليس لهم بغير وجه حق، وذلك تأكيدا لمقولته الخالدة «لن ينجو أي شخص تورط في قضية فساد أيا كان، وزيرا كان أو أميرا».
نتائج مذهلة في وقت قياسي
قال الخبير الأمني اللواء متقاعد مسفر الغامدي: عندما أنشئت هيئة مكافحة الفساد في المملكة وتناولتها وسائل الإعلام بأنواعها، لم يكن المواطن أو المقيم على ثقة تامة بأنه في حالة إبلاغه عن عمليات فساد في أي مرفق حكومي أو قطاع خاص سوف يؤخذ إبلاغه على محمل الجد، وكانت الشكوك تساوره بأنه سوف يستدعى ويحقق معه لإثبات ما أبلغ به أو يعرض نفسه للمحاسبة والعقاب، وهذا حدث في حالات كثيرة قبل سنوات من إنشاء الهيئة، إضافة إلى أن هناك بعض المرافق كانت شبه محصنة من أن تنتقد أو يشكك في نزاهتها أو حتى إمكانية وجود شبهة فساد فيها، ولكن بعد أن قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود «حفظه الله» بخبراته وحنكته التراكمية الهائلة بإنشاء هيئة مكافحة الفساد «الإداري والمالي والأخلاقي» وتكليفه «رعاه الله» صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، بالمهمة الصعبة، وكان لها، وفي وقت قياسي ظهرت النتائج المذهلة وشملت كل القطاعات والأفراد دون تمييز أو إعطاء أي حصانة لأحد كائنا من كان، واستعيدت بلايين الريالات من المال العام لخزينة الدولة وفي الحقيقة وبدون أي مجاملة أحدث ذلك الإجراء صدمة لنا في المملكة قبل غيرنا وتعدى ذلك إلى العالم، وأصبح حديث الساعة وما زال، وهناك نتائج آنية، حيث أعيدت الأموال وعوقب مَنْ ثبت عليه التعامل بالفساد، وهناك مردود إستراتيجي وهو الردع الشامل للجميع كائنا من كان، ولمَنْ تسول له نفسه القيام بأي أعمال فساد أيا كان نوعه بأن العقاب له بالمرصاد، وقامت الحكومة بعمل مهم جدا وهو إعطاء المواطن المسؤولية في المشاركة في مكافحة الفساد مع مكافأته، وبذلك نكون جميعا مشاركين في الإصلاح الشامل ليكون بلدنا بلدا خاليا من الفساد ليعم الرخاء وتحفظ الحقوق العامة والخاصة.
تعزيز النزاهة والشفافية وغلق الثغرات
أكد الباحث في الشأن الأمني والإستراتيجي د. فواز كاسب، أنه منذ إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الحرب على الفساد، بغض النظر عن مرتكبيه، شهدت المملكة تعزيز مفهوم النزاهة والشفافية وتطبيق سياسات العمل في جميع الوزارات والهيئات الحكومية لغلق جميع الثغرات لمَنْ تسول له نفسه ممارسة ما يفسد العمل سواء إداريا أو ماليا متعمدا أو غير متعمد، وهو ما يرسخ المساواة والعدالة الاجتماعية بين أبناء الوطن.
منع تضارب الاختصاص وتقصير أمد التقاضي
أكد عضو مجلس الشورى رئيس لجنة حقوق الإنسان والهيئات الرقابية د. هادي بن علي اليامي أن توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «حفظه الله» بربط هيئة الرقابة ومكافحة الفساد بالمقام السامي مباشرة جاءت لتوفير الاستقلالية التامة لها لأداء رسالتها، التي ينتظرها منها المجتمع، ولم تقف الجهود الحكومية عند ذلك الحد، بل قامت الدولة بدمج الجهات الحكومية المختصة بمحاربة الفساد، وهو ما أدى إلى منع تضارب الاختصاص أو تشتيت الجهود، وتقصير أمد التقاضي وتقليل المدة، التي كانت تحتاجها إجراءات التقصي والتحقيق، والمملكة لم تكتف بمحاربة الفساد على الصعيد الداخلي فقط، بل قامت بمبادرة للتنسيق بين دول مجموعة العشرين، لتعقب شبكات الفساد، وتبادل الجهود التي تحقق الأهداف المشتركة، وتم إقرار البيان الوزاري الأول للمجموعة، الذي يمثل خارطة طريق لاستئصال هذه الآفة.