وأوضح المعلمي في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي في الجلسة المنعقدة تحت عنوان «الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك المسألة الفلسطينية»، أن حل القضية الفلسطينية يشكل أكبر التحديات التي تواجه المنطقة من أجل تحقيق الاستقرار والأمن والازدهار والتنمية، كما أن الدور الهدّام الذي تقوم به قوى إقليمية في المنطقة يشكل تهديدًا خطيرًا للأمن والاستقرار، حيث تسعى هذه القوى من خلال أجندتها التوسعية إلى بسط نفوذها دونما اكتراث بالنتائج العكسية التي تمخضت عنها سياساتها العدائية على دول المنطقة، عبر دعم الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية والفتن الطائفية، مشيرًا إلى أنه من غير معالجة هذه القضايا لن تتمكن المنطقة من التقدم نحو مستقبل أفضل لشعوبها التي عانت من ويلات الفتن والصراعات والحروب.
مواقف راسخة
وشدد السفير المعلمي على نهج المملكة الثابت ومواقفها الراسخة تجاه القضية الفلسطينية، وأن هذه القضية تأتي على رأس أولويات المملكة واهتماماتها، وأن المملكة تقف مع الشعب الفلسطيني للوصول إلى حل عادل وشامل وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية التي أقرتها القمة العربية في عام 2002، والتي تدعو إلى انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وأشار إلى إدانة المملكة قرار إسرائيل بالمصادقة على إنشاء 800 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، ورفضها القاطع هذه الخطوة بوصفها انتهاكًا جديدًا لمقررات الشرعية الدولية، وتهديدًا للسلام وتقويضًا لجهود حل الدولتين، مفيدًا أنه يتضح من هذه الخطوة أن إسرائيل مستمرة في عدوانها تجاه الشعب الفلسطيني غير مكترثة بالمعاناة التي لحقت بالفلسطينيين جيلًا بعد جيل، بداية من اغتصاب أراضيهم مرورًا بانتهاك حرماتهم وسلب حرياتهم وتهجيرهم، وانتهاء بمحاولة شرعنة هذه السياسات العدائية.
وجدد السفير المعلمي دعوة المملكة المجتمع الدولي ومجلس الأمن بالوقوف بحزم تجاه هذه السياسات الإسرائيلية، والدفع بعملية السلام قدمًا للوصول إلى اتفاق يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، حيث إن السلام العادل والشامل هو الخيار الاستراتيجي وليس سياسات الأمر الواقع والقوة الجبرية الغاشمة.
عمل إرهابي
وقال المعلمي: تدين المملكة العربية السعودية العمل الإرهابي الجبان الذي استهدف مطار عدن تزامنًا مع وصول الطائرة التي تقل أعضاء الحكومة اليمنية الجديدة، كما تدين المحاولة الإرهابية لاستهداف قصر المعاشيق، وإن هذه الأعمال الإرهابية لا تستهدف الحكومة اليمنية فقط؛ وإنما تستهدف آمال وتطلعات أبناء اليمن الشقيق، وهي محاولة لإفشال اتفاق الرياض الذي اتخذه اليمنيون طريقًا لتوحيد الصف وعودة الحياة الطبيعية والأمن والاستقرار، والوصول إلى حل سياسي شامل في اليمن.
ولفت النظر إلى أن حكومة المملكة تدعم جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لليمن، للوصول إلى وقف شامل لإطلاق النار والبدء بعملية سياسية شاملة للوصول للحل المنشود القائم على المرجعيات الثلاث: «المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن 2216».
مشيرًا إلى أن حكومة المملكة تحمّل الميليشيا الحوثية الانقلابية المدعومة من إيران، مسؤولية تداعيات الأزمة اليمنية ومفاقمة الوضع الإنساني في اليمن، حيث فضلت ميليشيا الحوثي المصالح السياسية الضيقة على مصلحة الشعب اليمني وأمن المنطقة واستقرارها، خدمة لمصالح النظام الإيراني التوسعية، داعيًا مجلس الأمن الدولي إلى الوقوف بحزم تجاه انتهاكات الحوثيين قرارات المجلس ذات الصلة وعدوانها المتكرر تجاه أراضي المملكة العربية السعودية وسكانها.
مساعٍ حثيثة
وأضاف المعلمي: كما تواصل المملكة مساعيها الحثيثة لرفع معاناة الشعب اليمني الشقيق ودعم الاقتصاد اليمني، مقدمة عددًا كبيرًا من المبادرات والإجراءات لدعم الوضع الاقتصادي والإنساني في اليمن وتعزيزه، حيث بلغ إجمالي ما قدمته المملكة لليمن منذ بدء الأزمة حوالي 17 مليار دولار.
وأردف يقول: على النقيض من ذلك لا تزال إيران تشكل خطرًا كبيرًا على الاستقرار في المنطقة بما في ذلك اليمن، وقد أدى تدخلها في اليمن بشكل مباشر في عرقلة جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي، فقد قدمت جميع أنواع الدعم لميليشيا الحوثي الانقلابية من أجل إثارة الفتن وزعزعة أمن المنطقة واستقرارها، وخير دليل على ذلك تعيينها شخصية عسكرية تنتمي إلى الحرس الثوري الإيراني سفيرًا لها لدى الميليشيا الحوثية الانقلابية، في انتهاك صارخ لقرار مجلس الأمن 2216 والقوانين الدولية ذات الصلة والأعراف الدبلوماسية.
الخطر الإيراني
ودعا السفير المعلمي إلى ضرورة تعاون أطراف المجتمع الدولي لمعالجة الخطر الذي تشكله سياسات إيران على الأمن والسلم الدوليين بمنظور شامل لا يقتصر على برنامجها النووي فحسب؛ بل يشمل أنشطتها التوسعية والعدوانية، بما في ذلك دعمها العسكري واللوجستي الميليشيات الإرهابية ووقف نشاطاتها التي تهدد أمن واستقرار المنطقة في اليمن وسوريا ولبنان وغيرها من الدول العربية، مشيرًا إلى أن عدم التصدي لذلك سيشجع إيران على المضي قدمًا في سياساتها الهدامة.
وجدد التأكيد أن المملكة تؤمن بمبدأ الحوار وحل المشكلات والنزاعات بالطرق السلمية، مشددًا على ضرورة أن تكون دعوات الحوار منسجمة مع وقف فعلي للتهديدات والأعمال العدائية.
وأبدى السفير المعلمي في ختام الكلمة تطلع حكومة المملكة إلى أن يكون ما تحقق بتوقيع اتفاق «بيان العلا» صفحة جديدة في سبيل تحقيق أمن واستقرار المنطقة وشعوبها، مشيرًا إلى أن البيان أكد الروابط والعلاقات الوثيقة والراسخة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي قوامها العقيدة الإسلامية والمصير المشترك.