أما الأمر المتحقق الآن فهو اندثار الصحوة وعلى ردة الفعل الناجمة عنها أن تندثر معها أيضاً لأنها فارغة ولا فكر لديها، وبقاؤها مضر، فالفراغ الوجودي الذي تتعرض له الليبرالية السعودية بعد اندثار توأمها السيامي، حملها إلى البحث عن أدوار جديدة تجد ذاتها من خلالها، ولتقول للعالم: أنا لا أزال موجودة؛ فبدأت بمضايقة المواطنين وخدش مشاعرهم الدينية وتصنيفهم ببقايا الصحوة والتنمر عليهم لتجد مبرراً لوجودها وحتى لا تفقد الأضواء الإعلامية التي تقتات منها وعليها، على الرغم من تطلع غالبية المجتمع السعودي إلى الانفتاح والتطور مع الحفاظ على القيم الدينية وعلى أواصر الأسرة وترابطها كالحضارة اليابانية على سبيل المثال.
وإحقاقاً للحق يجب أن أشير هنا إلى نوع نادر ومشرف من الليبرالية السعودية كان معتنقوها نخبة ذات تأهيل علمي عالٍ وأخلاق دمثة تمتاز باحترام الدين وقيم المجتمع وترغب في التطوير وتحقيق الانفتاح دون الإساءة إلى الرموز الدينية أو خدش مشاعر الأغلبية المحافظة، وأدت تلك النخبة الراقية واجبها الوطني بهدوء دون عدوانية أو إسفاف ولم تتسبب بأية ضجة أو استفزاز للمواطنين بل على العكس كان لها دور إيجابي، وفي هذا السياق أتذكر العلاقة المتميزة والإيجابية بين الشيخ عبدالعزيز بن باز والدكتور غازي القصيبي -رحمهما الله- في بناء الوطن وخدمة المواطنين.
وختاماً لا يسعني إلا أن أشكر كل أولئك الذين شيدوا الوطن واحترموا القيم الدينية والمجتمعية المشتركة ورحلوا بسلام راجياً لروحهم السلام وداعياً لهم بالرحمة والمغفرة.
falkhereiji @