يقول الصحفي البلجيكي مايكل كولون إن الغرب مجرد «حضارة لصوص» وإن إسبانيا وفرنسا حققتا الثراء في القرن السابع عشر من سرقتها لذهب أمريكا اللاتينية وذبح الهنود دون دفع أي مقابل.
أما بلجيكا وهولندا -كما يضيف كولون- فقد أصبحتا ثريتين جدا منذ القرن التاسع عشر من خلال سرقة المواد الخام من أفريقيا وآسيا دون مقابل.
وأضاف إنه وعلى مدى خمسة قرون، قامت مجتمعاتنا الغربية بنهب ثروات العالم الثالث دون أن تدفع ثمنا لذلك.
وهنا... يخلط كولون بين الحضارة والثراء، فأن تكون ثريا لا يعني أنك حضاري، والدولة الثرية لا تأخذ حضارتها من المال، فالمال لا يصنع حضارة بينما الحضارة تجلب المال.
ومصر دليل على هذه المقولة، فهي دولة ذات حضارة عظيمة لكنها ليست ثرية. المكسيك وتشيلي أيضا يوجد بهما حضارة لكنهما ليستا ثريتين.
الحضارة هي وكما يقول ول ديورانت صاحب كتاب قصة الحضارة «مجموعة من الشروط التي تتوافر في مجتمع ما وتؤدي إلى تمكين هذا المجتمع من الإنتاج والتمايز على كافة الأصعدة: ثقافية، مادية، إنسانية».
ولا يعني ذلك أن الدول الغربية في القرنين السابع عشر والتاسع عشر لم ترتكب الفظائع والجرائم بحق السكان الأصليين أو الأفارقة الذين كانوا يجلبون كعبيد ويقتلون سواء في أمريكا أو في الدول الغربية الأخرى، والأمريكيون والأوروبيون يعترفون بذلك حاليا، ولنا في كريستوفر كولمبوس دليل أكيد، فهو اكتشف أمريكا لكنه سفك دماء السكان الأصليين وهم الهنود الحمر، وكأن الاكتشافات لا تأتي إلا باللون الأحمر الكريه. يصبح كريها عندما يخرج من الأجساد البريئة ويتحول السكان الأصليون إلى أشلاء وجماجم، وترتكب الإبادات الجماعية للهنود الحمر وتنبش قبورهم، حتى أن عددا من المصادر قالت إنه تم قتل أكثر من 150 مليونا من السكان الأصليين، وفي محاولة لطمس الحقائق والتغطية على الجرائم، قال المؤرخ الأمريكي فرانسيس ياركين: «إن الهندي نفسه في الواقع هو المسؤول عن الدمار الذي لحق به لأنه لم يتعلم الحضارة ولا بد له من الزوال».
وفي المظاهرات الأمريكية الأخيرة التي خرجت احتجاجا على قتل مواطن أفريقي- أمريكي هو جورج فلويد على يد شرطى أمريكى، عبر المحتجون عن غضبهم حتى على كولومبوس حين قطعوا رأس تمثاله فى بوسطن وتعرض آخر للتخريب فى ميامى فيما تم قذف ثالث فى بحيرة في فيرجينيا.
وفي الهجمة على الكابيتول هيل التي شنتها مجموعات موالية لترامب دليل على الإرث الأمريكي المعتمد على الهجوم والكراهية.
وكان يمكن أن يكون كلام كولون صحيحا لو أنه قال إن الغرب حققوا ثرواتهم بالقتل والسرقة دون أن يتطرق للحضارة.
الحضارات قد يتم بناؤها من الماضي عبر تكاتف أناس يسجلون قوتهم ونشاطاتهم، ولا يمكن أن نقول إن الحضارة حلت على بلد تلطخت أيادي مسؤوليه وعسكرييه بالدم!!
وقد يكون سعي الصحفي للإثارة هو الذي دعا كولون لهذه المقولة، واعتقد أن الدبابة لا يمكن أن تبني حضارة!!
نهاية
الحضارات تبنى بالحجر وليس الخنجر.
@Karimalfaleh