إدانة العنف
وقال في كلمته الأسبوعية «إننا بالطبع نشجب وندين بشدة العنف الذي يرافق التظاهرات في مدينة طرابلس العزيزة. ونستنكر الاعتداء على المؤسسات العامة والممتلكات الخاصة وعلى الجيش اللبناني وقوى الأمن. ولكن عوض أن تحللوا، أيها المسؤولون السياسيون، من يقف وراء المتظاهرين لتبرير تقصيركم المزمن، كان الأجدى أن تستبقوا الانفجار المتصاعد وتعالجوا أوضاع الأحياء الفقيرة في مدينة طرابلس، وحالات الجوع العام في البلاد. فأنتم أنفسكم تشرعون الأبواب أمام المخربين ومستخدميهم».
وتابع: «كفوا عن تجاهل الأسباب الحقيقية. وهي اجتماعية ومالية ومهنية ومعيشية. الفقر وراء المتظاهرين، والجوع أمامهم واليأس يملأ قلوبهم ويشجعهم. وأنتم تتقاذفون المسؤولية وتتبارون في تفسير أسباب التظاهرات وأهدافها، كما تتقاذفون المسؤولية حول أسباب عدم تأليف الحكومة وهي واهية».
فلكم نقول بكل أسف: ما كان شعب لبنان يومًا يتيمًا مثلما هو اليوم. فعوض أن ينظر إلى دولته ينظر إلى الدول الأخرى. وعوض أن ينظم انتخاباته ينتظر انتخابات الآخرين. وعوض أن يرى الإصلاح في مؤسسات بلاده يتطلع إلى مؤسسات المجتمع الدولي. وعوض أن يثق بمسؤوليه يضع كل ثقته في مسؤولين أجانب. وعوض أن يرتاح إلى عدالة دولته ينشد عدالة دولية. فهلا استخلصتم العبرة، وأصلحتم ذواتكم وممارسة مسؤولياتكم؟
العدالة الأساس
وقال البطريرك إن العدالة أساس الملك، إن أول مادة في هذه القاعدة هي أن تقوم السلطة السياسية بواجبها الأول وهو السير بموجب أحكام الدستور، وإنشاء المؤسسات الدستورية، وأولها تأليف حكومة وفصل السلطات وتحرير القضاء والإدارة من تدخل السياسيين، لئلا يفسدان. وهذا بكل أسف حاصل عندنا.
إذا لم يكن القضاء مستقلًا، لن يكون عادلًا، بل يصبح أداة للظلم والكيدية ولاعتماد أسلوب الوشاية وفبركة الملفات واستباحة الكرامات. وهذا ما نشهده بكل أسف في هذه الأيام. أشخاص يظلمون لأسباب سياسية وحسابات شخصية وفئوية بسوء استخدام القضاء. ماذا؟ هل صرنا في دولة بوليسية، ديكتاتورية؟ فلتحزم المرجعية القضائية أمرها، فتضبط كل قاض يأتمر بأوامر السياسيين والسلطة الحاكمة، وتحافظ على ثقة الشعب بالقضاء. ثم أين نحن من التحقيق العدلي بشأن انفجار مرفأ بيروت، وإلى متى ينتظر الموقوفون نهاية التحقيق لكي يعرفوا مصيرهم؟
وختم الراعي كلمته بالقول: أمام كل هذا الوضع الكارثي المأسوي، السياسي والأمني والاقتصادي والمعيشي والقضائي والأخلاقي، نجدد الصوت الذي أطلقه رؤساء الطوائف الإسلامية والمسيحية، الخميس الماضي، ببنوده الخمسة، وأولها: التمسك بالولاء للبنان دولة الدستور والقانون والنظام، ووطن رسالة العيش المشترك، واحترام كرامة الإنسان وحقوقه وحرياته، نائيا بنفسه عن الصراعات الخارجية وحساباتها الاستغلالية.
الثورة مستمرة
تجمع المئات من الثوار من مختلف المناطق اللبنانية، معلنين التضامن مع عاصمة الشمال، عروس الثورة اللبنانية، طرابلس، فبعد أسبوع كامل من الاشتباكات بين المتظاهرين والقوى الأمنية في ساحة النور، ها هي أمس، تستقبل ثوار لبنان الذين أكدوا أن هناك طابورًا خامسًا في البلد يسعى دائمًا إلى زرع بذور الفتنة وتشويه معالم الثورة السامية التي تجسدت في 17 أكتوبر 2019، وأن أعمال الشغب التي حصلت في طرابلس أو في وسط بيروت سابقًا لا تمت للثوار بصلة، هناك أيادٍ خفية جلَّ ما يهمها هو تدمير لبنان ووجهه الحضاري.
ولليوم السابع على التوالي لا تهدأ حركة ثوار طرابلس، ولم تثنهم عملية التخريب الممنهجة الخميس الماضي لبلدية وسراي طرابلس عن مواصلة المطالبة بالحقوق المعيشية وبرحيل الطبقة الفاسدة. وفي حين تواصل التضامن مع عروس الثورة في الشمال والبقاع وبيروت وصيدا، انطلق عدد من المتظاهرين من ساحة الشهداء في اتجاه طرابلس للتضامن مع المدينة.
وبالتزامن مع قطع السير محلة ساحة عبدالحميد الكرامي - طرابلس بالاتجاهين، أغلق الجيش مداخل ساحة النور في طرابلس تزامنًا مع الدعوات إلى الاعتصام في الساحة.