وقال الأكاديمي في جامعة الملك فيصل د. محمد القحطاني: إن الذكاء الاصطناعي أصبح مطلبا ضروريا لا سيما في الاقتصادات الطموحة والجريئة، خاصة مع وجود تسابق بين الدول الكبرى في السنوات العشرين الأخيرة في الاختراعات والابتكارات والمساهمة في البحوث، التي تدخل الذكاء الاصطناعي في كافة مفاصل الاقتصاد.
وأضاف إن الدول المتأخرة في المجال عليها الآن أن تبدأ في استخدام الذكاء الاصطناعي إذ إن كل يوم يمر ولا يتم البدء في جذب العقول والأبحاث والأفكار يؤثر على اقتصادات الدول في المستقبل، مشيرا إلى أن الروبوتات الذكية من شأنها أن تسهم في زيادة الإنتاج المحلي الإجمالي وتعزيز المحتوى المحلي، لا سيما في قطاعات الزراعة والعقار والتجزئة والمالية والرعاية الصحية، خاصة أنها أصبحت مطلبا أساسيا.
وأشار إلى أن بعض الروبوتات أدت دورا مهما في حفظ حياة الكثير من الأطباء والممرضين في أثناء جائحة كورونا، داعيا إلى أن يتم إنشاء بيئة نشطة جاذبة لكل المقومات والابتكارات لتعزيز التنافسية مع الدول الأخرى في هذا المجال خلال العشر السنوات المقبلة.
وأوضح أن مشروعات الاقتصاد المحلي حاليا لا تخلو من أن تكون صديقة للبيئة وذكية، مشيرا إلى أن الروبوتات الصناعية في المملكة قادمة بقوة لا سيما في مشروع «ذا لاين»، الذي يفتح الباب للإبداع لتصميم العديد من الروبوتات لخدمة باقي مناطق المملكة في العديد من المشروعات والقطاعات.
وتوقع القحطاني أن يشهد عام 2030 تسجيل براءات اختراع في هذا المجال في العديد من المعاهد والمؤسسات المعنية، خاصة أن الذكاء الاصطناعي يسهّل الكثير من الأمور وبإمكانه أن يسهم في العديد من المجالات على رأسها: عدم هدر الطاقة والمياه، وأن تكون المشروعات صديقة للبيئة وذات انعكاسات إيجابية على الاقتصاد، فيما يحقق الاكتفاء الذاتي في عدة قطاعات ويعزز القيمة المضافة للاقتصاد الوطني، الذي سيكون محط أنظار الدول، خاصة أن البيئة الصناعية تسخّر مكونات الطاقة البديلة في خدمة المشروعات كالاستفادة منها في الرياح والشمس والتمطير وتحويل بعض الظروف الجوية عبر الذكاء الاصطناعي الأمر الذي يؤدي إلى تحقيق منجزات ومستهدفات في الوقت المناسب.
وأكد الخبير الاقتصادي د. إياس آل بارود، أن التكنولوجيا تلعب دورا مهما وحيويا في حياة الشعوب اليومية، إذ أسهمت في رفع معدلات الإنتاج، وفي تغيير أنماط معيشتهم بدرجة متزايدة وفي الآونة الأخيرة، شغل الذكاء الاصطناعي والدور الذي تلعبه الروبوتات اهتمام الكثيرين، خاصة حول تأثيراتها على العمالة البشرية، والدور الذي قد تلعبه مستقبلا.
وأضاف إن المستجدات التكنولوجية تلعب دورا مهما على مستوى الاقتصاد الدولي وستسهم في تغيير المجتمعات البشرية وسلوكها على المدى القصير والبعيد، إضافة إلى أنها ستسهم في القضاء على العديد من الأشكال التقليدية للوظائف، ولكنها حتما سيكون لها دور في تحسين حياة الأفراد، ورفع معدلات الخدمات وجودة السلع المقدمة لهم.
وتوقع آل بارود أن تسهم المستجدات التكنولوجية ومنها الذكاء الاصطناعي في التقليل من مخاطر الخطأ البشري، محذرا من سلبياتها إذ سينتج عن الاستخدام المتزايد للروبوتات إضاعة عشرات الملايين من الوظائف، خاصة فى الاقتصادات المحلية الأكثر فقرا، التي تعتمد على العمال ذوي الخبرات القليلة، مما سيؤدي إلى زيادة في عدم المساواة في الدخل ومع ذلك، فهو من المتوقع أيضا أنه إذا تم تعزيز استخدام الروبوتات بنسبة 30% بحلول عام 2030، فسيؤدي هذا إلى زيادة بنسبة 5.3% للناتج المحلي الإجمالي العالمي في هذه السنة.
وأوضح أن المملكة تخطط لدخول عالم المدن الذكية والتحول لتقديم الخدمات الحكومية الإلكترونية، إذ يعد مشروع «نيوم» الذي يتبناه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع خير مثال على ذلك، الذي يتيح المباني الذكية وانتشار السيارات الذاتية القيادة والخدمات المتنقلة الجديدة، التي تحسّن حياة السعوديين، من خلال المساعدين الرقميين، والمحادثة، والتعلم الآلي وغيرها.
وأفادت رئيس جمعية الذكاء الاصطناعي د. فاطمة باعثمان بأن الروبوتات أحد الاقتصادات المتفرعة من الذكاء الاصطناعي، ومن شأنه إحداث تغييرات صناعية واجتماعية وخدمية واقتصادية، إضافة إلى إنتاج وتوفير العديد من السلع والخدمات وإبرام الصفقات.
وأضافت إن تمكين الروبوتات الذكية في الاقتصاد يأتي لقدراتها على التفاعل مع البشر والبيئات، واتخاذ القرارات، وإبرام العقود والصفقات الاقتصادية، والتشغيل في المصانع والمدن الذكية، وخفض العمالة، وتقليص استهلاك الطاقة والموارد، وزيادة الابتكار، وفي التأثيرات السوقية وبعض أسواق الأسهم والتجارة الإلكترونية. ومنها الروبوتات شبه البشرية، والروبوتات الرقمية الافتراضية، والروبوتات الحربية، وبعض الروبوتات التي تستطيع القيام بالعديد من المهام في القطاعات التعليمية، والأمنية، والزراعية، والطبية ونقاط البيع وغيرها.
وأشارت إلى أن الروبوتات ستسهم في التنمية الاقتصادية بشكل متسارع، فيما تشير التقارير إلى أن نمو الذكاء الاصطناعي والروبوتات بلغ 8 تريليونات دولار في العام الماضي.
وأوضحت أن رؤية 2030 تركز على تعزيز الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أن مدينة نيوم سيكون بها العديد من الروبوتات فضلا عن مشروع «ذا لاين»، الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان، داعية إلى وضع خارطة طريق تركزعلى اقتصاد الروبوتات الذكية.
وكانت المملكة قد وقّعت اتفاقية مع شركة «ميدلاب ميديا جروب» الإسبانية، التي تعمل في مجال التكنولوجيا، وتركز على دعم وتعزيز الممارسة التكنولوجية اليومية في اتخاذ القرارات الصحيحة، من أجل توفير نظام اتصالات مشفر لبيئة الرعاية الصحية، ومحرك بحث تم تطويره حديثا للاستخدام الطبي على أساس الذكاء الاصطناعي، وبطاقة رقمية للمهنيين الطبيين، من أجل تسهيل نقل البيانات الطبية الآمنة، وكذلك تمكين نقل المعرفة بين الأطباء والخبراء الطبيين، من خلال الوصول الفوري إلى المعلومات بغض النظر عن موقعهم الجغرافي.
وتهدف المملكة إلى استغلال الذكاء الاصطناعي والتقنيات المرتبطة به، من أجل إيجاد فرص متعددة لتحسين كفاءة القطاع العام، وتقليص الاعتماد كثيرا على العمال المغتربين ومن المتوقع أن تحقق المملكة عوائد اقتصادية من مشروعات الذكاء الاصطناعي بنحو 12.4% من ناتجها المحلي الإجمالي وهو ما يعادل أكثر من 135.2 مليار دولار، وذلك مع موعد استكمال مراحل رؤية 2030.