وأردف يقول: تم إطلاق سراحها في 2010، وبعد 5 سنوات، انتهى الحكم العسكري حيث أجرت البلاد أول انتخابات حرة منذ 25 عامًا، وفازت فيها الرابطة الوطنية للديمقراطية بزعامة سوتشي بأغلبية ساحقة، وأشار إلى أن المجتمع الدولي اعتبر انتصارها آنذاك انتصارًا للقيم الديمقراطية على قوى الاستبداد، لكن الديمقراطية الحقيقية تتطلب أكثر من نصر انتخابي واحد.
نفوذ الجنرالات
وتابع يقول: حافظ الدستور الذي ألغى المجلس العسكري على قدر هائل من السلطة والنفوذ للجنرالات، وترك سو تشي والرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية في موقف حساس حيث كانوا يحاولون الحفاظ على الحقوق الديمقراطية، مع تجنب رجوع البلاد إلى الحكم العسكري، ولفت إلى أن هذا التوتر كان أكثر وضوحًا في كيفية رد سوتشي على حملة من قبل الأجهزة الأمنية في ولاية راخين الغربية، حيث فر ما يقرب من مليون من الروهينغا العرقيين واتهم الجيش بالتطهير العرقي وغيرها من الجرائم المروعة مثل الاغتصاب الجماعي والتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء.
ومضى يقول: في حين أن سوتشي ليس لديها سلطة مباشرة تذكر على تصرفات قوات الأمن، إلا أن دفاعها العلني عن الجيش جعلها محل تنديد.
وتابع: على الرغم من ذلك، ظلت سو تشي تحظى بشعبية كبيرة في ميانمار نفسها، ورأى بعض المراقبين في رفضها انتقاد الجيش باعتباره حبة دواء يجب بلعها للحفاظ على الحكم المدني، وأضاف: سواء كان ذلك في إطار التسويات أو الإيمان الفعلي بما كانت تقوله، فقد تبين أن كل ذلك كان قليلًا هذا الأسبوع، حيث استولى الجيش على السلطة في انقلاب، واعتقل سو تشي وقادة آخرين من الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية.
نقطة الاحتجاز
وأردف يقول: بعد 10 سنوات من إطلاق سراحها، يبدو أن سو تشي تعود إلى النقطة التي بدأت منها صعودها إلى الصدارة الدولية، حيث هي الآن رهن الاحتجاز، ومصيرها حسب أهواء الجيش الذي حكم ميانمار طوال السنوات الـ 50 الماضية، وتابع: لكن ظروف اعتقالها هذه المرة مختلفة كثيرًا، لم تعد سو تشي «مانديلا آسيا»، كما كان يُطلق عليها ذات مرة، فقد أدى تواطؤها في الفظائع ضد الروهينغا إلى نزيف في حلفائها الغربيين، حتى أن أصدقاءها القدامى شجبوها ودعوها للتحدث علانية ضد الجيش.
ونقل عن تاماس ويلز، الخبير في شؤون ميانمار بجامعة ملبورن، قوله: لقد أصبح الغرب شديد البرودة تجاه أونغ سان سو تشي، مما يجعل من الصعب دعم الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية أو التحدث عنها بقوة بنفس الطريقة التي فعلت بها الولايات المتحدة وأوروبا في التسعينيات وحتى منتصف 2010، قادة الجيش يعرفون ذلك بالتأكيد، ويرون أن نفوذها الآن أقل لدى المجتمع الدولي.
وتابع: بينما تخلى الجيش عن بعض سلطته في الانتقال إلى الديمقراطية الجزئية، فقد حافظ على إحكام قبضته على شؤون الدفاع والأمن، بما في ذلك في راخين، حيث اتُهم الجنود بحرق القرى خلال ما يسمى «عمليات التطهير» والاغتصاب الجماعي والقتل وغيرها من الفظائع.
حملة القتل
وأضاف: تقدر الأمم المتحدة أن ما لا يقل عن 10 آلاف شخص قتلوا في الحملة الأمنية منذ 2016، التي شُنت بعد هجمات صغيرة على نقاط حدودية ونقاط تفتيش للشرطة شنتها جماعة من الروهينغا، فر نحو 720 ألف شخص إلى بنغلاديش المجاورة، حيث تم إيواؤهم في أكبر مخيم للاجئين في العالم، معرضين لخطر شديد من سوء التغذية والفيضانات، والآن جائحة فيروس كورونا.
ومضى يقول: ردًّا على التقارير الواردة من راخين، عاقبت الولايات المتحدة العديد من الشخصيات العسكرية البارزة في ميانمار، بما في ذلك القائد العام للقوات المسلحة الجنرال مين أونج هلاينج، الذي قال المجلس العسكري «إنه سيقود البلاد بعد الإطاحة بسو تشي».
وأردف: أدى هذا الضغط المتزايد إلى تقارب الجيش والحكومة المدنية بزعامة سو تشي من بكين، التي كانت حليفًا قويًّا سابقًا خلال سنوات المجلس العسكري تم خسارته لصالح واشنطن، مع انتقال البلاد إلى الديمقراطية.
ونقل عن ميليسا كراوتش، الخبيرة في شؤون ميانمار بجامعة نيو ساوث ويلز، قولها: إن الجنرالات قد يرون مثل هذه التحالفات بمثابة ثقل موازن محتمل لأي غضب دولي قد يأتي نتيجة للانقلاب، ميانمار بجانبها الصين وروسيا، اللتين لا تشعران بالقلق حيال الديمقراطية، كانت هناك زيارات قام بها وفود من كل من بكين وموسكو قبل الانقلاب، تعلمت النخب العسكرية في ميانمار جيدًا كيفية التحصين في مواجهة الانتقادات الدولية.
عقوبات التسعينيات
ويمكن القول «إن العقوبات القوية التي فرضت على الأنظمة في التسعينيات والألفينيات من قبل الغرب لم تفعل الكثير لتغيير موقف النخب العسكرية في ذلك الوقت، من الواضح أن كوفيد قد أثر في الاقتصاد وهناك بالفعل عقوبات مستهدفة مطبقة، لذلك لا يوجد الكثير من الوسائل الواضحة التي يتعين على الغرب استخدامها».
ونقل الكاتب عن «ويلز»، قوله: التحدي الأكبر للانقلاب سيأتي داخليًّا، وسيعتمد على قدرة الجيش على السيطرة على مجتمع النشطاء والطبقة الوسطى التي تم تمكينها بشكل كبير منذ 2015، وكذلك الشركات وغيرها ممن استفادوا من المشاركة الدولية التي تلت الانتقال إلى الديمقراطية ولن يكونوا مستعدين لرؤية البلد ينزلق مرة أخرى إلى وضع «المنبوذ»، في ميانمار، هناك الكثير من الناس يكسبون الكثير من المال، وسوف يضغطون على النخب العسكرية حتى لا يتعطل النمو والاستقرار السائد في المدن.
ونقل الكاتب عن «ثانت مينت يو»، مؤلف كتاب «التاريخ الخفي لبورما»، قوله على «تويتر»: مع مشاهدة التطورات الجارية، لدي شعور غارق بأن لا أحد سيكون قادرًا حقًّا على التحكم في ما سيأتي بعد ذلك، تذكروا ميانمار بلدًا غارقًا في الأسلحة، ولديه انقسامات عميقة عبر الخطوط العرقية والدينية، حيث بالكاد يستطيع الملايين إطعام أنفسهم.