وقال: إن الأمر قد يستغرق «أسابيع» فقط إذا استمر عدم التزام إيران بالقيود المنصوص عليها في الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي انسحبت منه الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
وأكد بلينكن على سياسة الرئيس جو بايدن المتمثلة في أنه «إذا عادت إيران للالتزام الكامل بتعهداتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، فستفعل الولايات المتحدة نفس الشيء».
وقال وزير خارجية واشنطن: إنه إذا عادت إيران للالتزام بالاتفاق، فستسعى واشنطن لبناء «اتفاق أطول وأقوى» يتناول مسائل أخرى «صعبة للغاية»، وتابع: إن «إيران متوقفة عن الالتزام على عدد من الأصعدة وستستغرق عودتها، إن هي قررت أن تفعل، بعض الوقت ثم سيستغرق منا تقييم ما إن كانت تفي بالتزاماتها بعض الوقت».
من جانبها ألمح نظام ملالي إيران إلى أن عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي لن تكون بسهولة الانسحاب منه، وقال المتحدث باسم وزارة خارجية الملالي: «لقد غادروا الاتفاق بتوقيع واحد، لكن لا يمكنهم العودة بتوقيع مماثل». حسب تعبيره.
أهداف وأولويات
وتقول مديرة مبادرة «سكوكروفت» الأمنية للشرق الأوسط في المجلس الأطلسي الخبيرة السياسية كريستين فونتينروز، في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال انتريست» الأمريكية: تلك الأولويات تعكس أهداف إدارة ترامب أيضا، وفي ضوء هذه المقارنة يتبادر إلى الذهن التساؤل عن ما هي أوجه السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط التي سوف تبقى على حالها، وما المظاهر التي سوف تختلف بشكل واضح.
ومن المؤكد أن السياسة الأمريكية تجاه إيران سوف تختلف إلى حد كبير، حيث يدرك بايدن التهديد من جانب إيران والخطر الذي يمثله برنامجها النووي وإنتاج صواريخها الباليستية ورعايتها للميليشيات العنيفة، وهدفه هو أن يكون هناك مرة أخرى اتفاق يتيح للمجتمع الدولي بحث قضية منشآتها النووية وتفتيشها، والوصول إلى مخزونها، مع القيام في الوقت نفسه بالتعامل مع سياساتها التي تهدف إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة.
لقد أوضح فريق بايدن أن المائة يوم الأولى في برنامجه الخاص بالشرق الأوسط سوف تركز على تقييم احتمال التوصل لاتفاق نووي جديد أو أكثر قوة مع إيران.
وخلال الشهر الحالي، وهو الشهر الذي خصصه بايدن لاستعادة مكانة أمريكا في العالم، لا شك أنه سوف يلقي بيانا عن تواجد الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وسوف يكون هدف هذا البيان تهدئة الأعصاب وإسكات نظريات المؤامرة بشأن الارتباط الأمريكي.
الجلسات المغلقة
من ناحية أخرى، سوف يعقد بايدن جلسات مغلقة تتعلق بالاستراتيجية مع القيادة العسكرية بشأن تحديد الأماكن التي تحتاج الولايات المتحدة مواصلة التواجد فيها، يعقب ذلك إجراء محادثات مغلقة مع شركاء الناتو بشأن التواجد الأمريكي في العراق وأفغانستان بوجه خاص.
ومن المؤكد أنه سوف يكون هناك تأكيد على المشاركة في تحمل الأعباء، وقال أحد الأصدقاء المقربين لبايدن مؤخرا: إن الرئيس لا يفكر في سحب القوات الأمريكية، ولكنه يفكر في إنهاء الحروب، وسوف يعني هذا الضغط بقوة على دول المنطقة لتكون وسطاء لتحقيق السلام، وتقديم تنازلات، وتوفير حوافز للخصوم لإنهاء الصراعات.
كما سوف يكون هناك تأكيد مستمر على التسامح الديني، وكان مايك بينس النائب السابق لدونالد ترامب متحمسا لذلك على أساس التزام ديني شخصي، وسوف تتبنى إدارة بايدن ذلك على أساس حماية الحريات الفردية.
وتضيف فونتينروز إنه سوف يكون هناك ضغط مستمر على الشركاء للحد من علاقاتهم مع روسيا والصين، وسوف يكون هذا واضحا بوجه خاص في مجالات الدفاع والأمن، والفضاء الإليكتروني، والذكاء الاصطناعي، والطاقة النووية.
كما سوف يكون هناك تأكيد مستمر على محاربة الإرهاب، وإذا كانت التفجيرات الانتحارية في بغداد مؤخرا والهجمات ضد مواطني ومصالح فرنسا في الشهور الماضية تمثل أي دليل على المستقبل القريب للتطرف العنيف، فإنه يتعين توقع تجدد الهجمات ضد المدنيين، وسوف تسعى الولايات المتحدة في عهد بايدن إلى المزيد من الارتباط بالشركاء عبر الأطلسي، بما في ذلك بالنسبة لمحاربة الإرهاب.
تشجيع التطبيع
وهناك سياستان نهائيتان سوف تستمران في ظل رئاسة بايدن، إحداهما دعم اتفاقات أبراهام، وسوف يحيل فريق بايدن هذا الملف إلى وزارة الخارجية ويواصل التشجيع على التطبيع والإصرار على عدم القيام بأي ضم للأراضي، وسوف يسعى الفريق للتواصل مع الفلسطينيين لإنهاء رفضهم لصفقة القرن، ولأن يكونوا على استعداد للمشاركة مرة أخرى.
وكل ما تدركه واشنطن هو أن جانبا كبيرا من فشل مباحثات السلام يرجع إلى الخلافات الفلسطينية الداخلية، ولكن لم يعد لدى أي أحد صبر على مثل هذا الأمر، ويعتبر دخول العالم العربي في اتفاقات أبراهام دليلا ملموسا على ذلك.
وفيما يتعلق بالكيفية التي ستختلف بها السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط في عهد ترامب، فإنه سوف يكون هناك تأكيد أكبر على حقوق الإنسان وحرية عمل المجتمع المدني، وسوف تكون هناك مشاورات من حين لآخر مع الشركاء الأوروبيين قبل اتخاذ القرارات السياسية الكبرى بشأن الشرق الأوسط.
وتؤكد فونتينروز أنه مما لا شك فيه أن فريق بايدن سيضطر لإعطاء الأولوية لتنسيق أهدافه في الشرق الأوسط، لأنه في بعض الحالات من الممكن أن يؤدي تحقيق هدف إلى تخريب هدف آخر.
وتضيف فونتينروز «وبشأن مبيعات الأسلحة، سوف يكون الرئيس الجديد في صراع بين أمرين، فالجناح اليساري في الحزب الديمقراطي يسعى لإنهاء كل مبيعات الأسلحة، وهو الأمر الذي لن يؤثر على المنطقة فقط، بل أيضا شركاء مثل اليابان وتايوان، ولكن من ناحية أخرى، يدرك أنه ليس من المعقول أن يتم في أثناء تراجع اقتصادي إصابة قطاع أمريكي مهم بالشلل، ومن ثم سوف تستمر مبيعات الأسلحة».