هذه الثقافة إذا حلت في أروقة المنظمة واستشرت بين أسوارها فهي تدق ناقوس خطر كبير قادم، إذ تتسع معها بين الموظفين الهوة، وتزداد الفجوة، وتحل الفرقة، وتتجلى آفة صناعة الخصوم والأعداء، ومجابهة أصحاب الهمة الأكفاء، وتنحرف رعاية المصلحة المؤسسية، والعلاقات المهنية الأخوية، إلى جرف المواقف الشخصية، والمواجهات الحادة الندية، ويتبدل معها ميدان الإنجاز والعطاء، ليصبح ساحة صراعات ونزاعات، وأرض خلاف واختلافات، وحلبة تحدٍ ومجابهات. وقد تزداد ضراوة هذه الثقافة في وجود مراكز قوى داخلية خفية، لهم من الموظفين تبعية، فحديثهم واسع الانتشار، وإشاعاتهم تخلف الأضرار، أما الخاسر الأكبر فهي المنظمة ومكانتها الحالية وطموحاتها المستقبلية.
وهنا يأتي دور القادة في تكوين وتحسين ثقافة المجتمع الوظيفي وصياغتها وتشكيلها، وإنعاش بيئة العمل، وتوحيد الصف واتجاهات الموظفين نحو نيل الأهداف وتمكينهم بأدوات خوض ذلك الغمار، وكذلك وضع الأنظمة التي تعزز دور الاتصال الداخلي في إذابة الأسلاك الشائكة بين حدود العلاقات المهنية، والحد من تلك الممارسات والأحاديث الضارة الجانبية، التي تأتي على هامش المسيرة المؤسسية. وذلك معطوف على دمج الموظفين في الخطط والمشاريع بأنفاس الروح والأسرة الواحدة بعيداً على إثارة التنافسية الفردية أو التفضيل القائم على معايير غير منهجية.
أختم بالقول أنني عندما هممت بمغادرة المقهى، كتبت رسالةً مهمة في ورقة صغيرة، وسلمتها أحد الموظفين ليعطيها الشابين على الطاولة بعد خروجي، وقد كتبت فيها... قال تعالى «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم».
@azizmahb