يلعب الإعلام دورا مهما في صياغة وصناعة الرأي العام في المجتمعات، كما أن له دورا كبيرا في توجيه المجتمع نحو السلوكيات والعادات والتحذير من الممارسات الخاطئة والانغماس فيها بشكل أو بآخر، واستشهد هنا بـ "الحملات التوعوية" التي تقوم بها وسائل الإعلام في الجانب الصحي، والتي تأتي تحت إشراف مباشر من الجهات والمؤسسات الرسمية وعلى رأسها وزارتا الصحة والداخلية، وقد أبلى الإعلام السعودي بلاء حسنا ودورا محوريا خلال جائحة كورونا، حيث قام بدوره الفاعل تجاه المجتمع، ورسخ أهميته وضرورته في مجال التوعية والتأثير في الرأي العام بشكل إيجابي، فليس كما كان يعتقده البعض أن وسائل الإعلام هي مجرد أداة للترفيه، أو لاستعراض مسلسلات لا جدوى منها ومسابقات لا تسمن ولا تغني من جوع، بل إن كافة وسائل الإعلام الرسمية منها والخاصة على حد سواء كانت مثالا حيا للمسؤولية مع بث الروح الإيجابية في أسوأ الظروف والمتغيرات التي عانى منها المجتمعات بعد أن ضربت جائحة كورونا مدن العالم أجمع دون هوادة، أشاد العديد من الأطياف داخل وخارج الوطن (محللين، خبراء، مثقفين، ناقدين، مفكرين، سياسيين) بدور الإعلام السعودي خلال جائحة كورونا، مؤكدين أنه أدى دوره في مواجهة الجائحة على أكمل وجه، مشددين على أن وسائل التواصل الاجتماعي "الرسمية" كان لها دور فاعل في بث المعلومات الصحيحة للمواطن والمقيم على أرض المملكة خلال الجائحة، وبما أن المجتمع السعودي يعد من أكثر المجتمعات العربية إقبالا على شبكات التواصل الاجتماعي، فقد عمد السعوديون إلى جعل وسائل التواصل الاجتماعي الوسيلة الأهم خلال الأزمات، بل بات له تأثيره ووقعه على المجتمع، ففي ظل الأزمات بات الإعلام المصدر الأول لمتابعة الأحداث، ومعرفة المعلومات، وتشكيل اتجاهات الجمهور وإدارة الأزمة. اشتدت حلبة المنافسة بين وسائل الإعلام في جذب الجمهور أثناء الجائحة، وارتفعت نسب المشاهدة والمتابعة لوسائل الإعلام في فترة الحظر إلى معدلات كبيرة جدا، خاصة بعد أن واجهت المؤسسات الإعلامية الخاصة أزمة مالية خلال الجائحة نتيجة توقف الإعلانات والموارد، إلا أن التحديات التي واجهتها لم تثنها عن القيام بدورها تجاه المجتمع، والجهود التي قامت بها تلك المؤسسات الإعلامية أضحت مضرب مثل للعديد من الدول الكبرى والمتقدمة، وفي هذا السياق حقق الإعلام السعودي لنفسه أرصدة عالية وعزز دوره على مستوى المنطقة العربية، وحجز لنفسه مكانة خاصة وثقة عالية لدى المواطن العربي بشكل عام، فبعد أن استبشرنا كثيرا بتقليص أعداد المصابين خلال الفترة الماضية بفضل الله تعالى ثم بحرص حكومتنا الرشيدة من خلال تفعيل مبدأ العقاب الصارم للمخالفين، وكذلك من خلال الدور المحوري الذي لعبه الإعلام بكل مشتقاته، إلا أن الآمال تراجعت في الفترة الماضية حيث لمسنا برودا طفيفا في الدور الإعلامي تجاه التوعية من الجائحة، فبدأ الناس بالتهاون بعض الشيء وكانت النتيجة هي ما نراه اليوم من ازدياد في الحالات وتهاون في التجمعات، وفي ظل ظهور هذه الموجات الجديدة والمتعاقبة للجائحة، بدأ الإعلام يستعيد قواه مرة أخرى، الأمر الذي ولد لدى الناس العودة من جديد لاستقاء المعلومة من مصادرها الرسمية وعدم الانجراف خلف الخزعبلات والاجتهادات غير المسؤولة، وليس سوى الموثوقية من خلال ما يبث من المصادر الرسمية للدولة، ومن هنا يبقى للإعلام كلمته الأولى والمفصلية في حسم أي جدل قاطع لدى الجميع فهو ليس ترفا كما يراه البعض، بل بات من الأساسيات والضروريات والاحتياجات التي لم يعد بمقدور الإنسان الاستغناء عنها خاصة في ظل المتغيرات والمصاعب والملمات التي تصيب المجتمعات، فلا صمود للإعلام الرسمي بعد اليوم بعد أن بات هو المحرك الرئيس للشعوب وهو المصدر الموثوق لاستقاء المعلومة، وهو المغذي للأذهان وتقويم السلوك والاتجاهات وتبصير الرؤى والمفاهيم.