موجة إصلاحات
وأعلن سمو ولي العهد أن مشروع نظام الأحوال الشخصية، ومشروع نظام المعاملات المدنية، ومشروع النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، ومشروع نظام الإثبات، «ستمثل موجة جديدة من الإصلاحات، التي ستسهم في إمكانية التنبؤ بالأحكام ورفع مستوى النزاهة وكفاءة أداء الأجهزة العدلية، وزيادة موثوقية الإجراءات وآليات الرقابة، كونها ركيزة أساسية لتحقيق مبادئ العدالة التي تفرض وضوح حدود المسؤولية، واستقرار المرجعية النظامية بما يحد من الفردية في إصدار الأحكام».
إطار قانوني
واوضح سموه أن «عدم وجود هذه التشريعات أدى إلى تباين في الأحكام وعدم وضوح في القواعد الحاكمة للوقائع والممارسات، ما أدى لطول أمد التقاضي الذي لا يستند إلى نصوص نظامية، علاوة على ما سببه ذلك من عدم وجود إطار قانوني واضح للأفراد وقطاع الأعمال في بناء التزاماتهم»، وأضاف سموه: لقد كان ذلك مؤلما للعديد من الأفراد والأسر، لا سيما للمرأة، ومكن البعض من التنصل من مسؤولياته، الأمر الذي لن يتكرر في حال إقرار هذه الأنظمة وفق الإجراءات النظامية.
مواثيق واتفاقيات
وأبان أنه قد أعد قبل سنوات ما عرف باسم «مشروع مدونة الأحكام القضائية»، واتضح بعد الدراسة أنها لا تفي باحتياجات المجتمع وتطلعاته، ولذا رئي إعداد مشروعات تلك الأنظمة الأربعة، مع الأخذ فيها بأحدث التوجهات القانونية والممارسات القضائية الدولية الحديثة، بما لا يتعارض مع الأحكام الشرعية، ويراعي التزامات المملكة فيما يخص المواثيق والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها، مشيرا إلى أن عملية تطوير المنظومة التشريعية مستمرة في المملكة، وستصدر هذه التشريعات تباعا خلال هذا العام بإذن الله.
وفي ختام تصريحه، رفع سمو ولي العهد -حفظه الله- شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله- على توجيهاته الكريمة، وحرصه الدائم على ضمان حقوق المواطنين والمقيمين، ورعاية مصالح كل من هم على أرض المملكة العربية السعودية.
زيادة الموثوقية
وتجسد المنظومة حرص القيادة الرشيدة على تعزيز مدنية الدولة بما يسهم في زيادة الموثوقية في الإجراءات النظامية والقضائية وتحسين آليات الرقابة عليها، بعد أن جاءت التشريعات الجديدة بعناية من خادم الحرمين الشريفين وإشراف مباشر من سمو ولي العهد، وتشكل نقلة نوعية في البنية التشريعية في المملكة بدءا من صياغة مشروع النظام وحتى اعتماده وتنفيذه.
ويعود الفضل في الإصلاحات التشريعية التي بدأتها المملكة إلى سمو ولي العهد وتأتي في إطار منظومة إصلاحات تبنتها رؤية 2030 لرفع كفاءة الأنظمة وتعزيز الحقوق وتحسين جودة الحياة وتعزيز النزاهة والارتقاء بالخدمات وحماية حقوق الإنسان.
وستعد التشريعات حال صدورها مصدرا أساسيا لتعزيز الحقوق المدنية ورفع ثقة المتعاملين بالسلطتين القضائية والتنفيذية، بما يواكب احتياجات المجتمع وتطلعاته ومتطلبات العصر وترسيخ مبادئ العدالة والشفافية، وضمان الحقوق، ورفع كفاءة الأجهزة العدلية، وتعزيز النزاهة، ومكافحة الفساد وحماية حقوق الإنسان، كما ستقضي على الاجتهادات القضائية بما يعزز أسس العدالة الناجزة، ويقضي على أية إشكالات نتجت عن وجود فراغ تشريعي
ويعد تشكيل «اللجنة الرئيسية لإعداد التشريعات القضائية» من العديد من الكفاءات الوطنية، حجر الزاوية في توحيد الجهود الرامية لصياغة مشاريع أنظمة محكمة في وقت قياسي وفق أفضل أساليب الحوكمة في العمل التشريعي، وستأخذ التشريعات المتخصصة الجديدة طريقها في الدراسة في إطار السلطة التنظيمية في مجلسي الشورى والوزراء وفق إطار زمني محدد، في ممارسة تعكس دولة المؤسسات والقانون وتعزز مكانة التشريعات في المملكة.
تطورات وتطبيقات
وروعي في التشريعات الجديدة أحدث التطورات والتطبيقات القانونية والممارسات الدولية الحديثة في القضاء، بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية ومع مبادئ المملكة وقيمها حيث ستؤدي إلى ضمان الحقوق، والقضاء على التجاوزات، والحد من أسباب المنازعات، وتعزيز سرعة الفصل فيها، مع تعزيز القدرة على التنبؤ بالأحكام
وتعمل منظومة التشريعات المتخصصة على الترسيخ التشريعي في الجانب الجزائي لمبدأ العقوبة الشخصية، ولا جريمة ولا عقوبة تعزيرية إلا بناء على نص نظامي، كما سترفع كفاءة الجهات المختصة بضبط الجريمة، والنيابة العامة، والمحاكم لمستويات أعلى.
مكانة الأسرة
وسيعزز مشروع نظام الأحوال الشخصية مكانة الأسرة في المملكة، وسيتناول بالتفصيل الأحكام المتعلقة بها، ويضمن حقوق الزوجين والأطفال، وينظم الأحكام المتعلقة بالوصية، والتركة، والإرث، فيما يعد مشروع نظام المعاملات المدنية ركيزة أساسية لأي نظام معاصر، والمرجع القانوني لتنظيم العلاقة بين الأفراد في تعاملاتهم، كما يمثل مشروع النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية الذي أعد على مبادئ عدلية مستقرة وفق أفضل المبادئ والنظريات الجنائية الحديثة حجر الزاوية في تحقيق العدالة الجنائية، بينما سيسهم مشروع نظام الإثبات في إثبات الحقوق في المعاملات المدنية والتجارية، وسينعكس إيجابا على سلامة واستقرار تعاملات الأفراد وبيئة الأعمال على حد سواء.