[email protected]
من الجمال، الذي يرتسم في طبيعة منطقته إلى جمال يبعثه في قاعة العرض ذلك هو (أحمد حامد حسين الغامدي)، الذي قدّم قبل أيام معرضا مختلفا تحت عنوان «وقر»، والوقر هو ما يتشكل بفعل عوامل التعرية في المناطق الصخرية والجبال، فيكون مجمعا لمياه الأمطار والسيول. يصغر الوقر ويكبر حسب المساحة، وعادة يتم الشرب منه للعابرين وللطيور والحيوانات المارة أو التي تعيش في الجبال، استلهم الفنان الفكرة ليقدمها بكثير من الصبر والجلد والجدية في قاعة داما بجدة، وقد استغرق العمل منه شهورا وهو يجلب القطع، ويحضّر الخامات والمواد ويؤلفها وفق رؤيته وتصوره الفني، وليشكل منها عملا فنيا اختلف عن كل العروض الفنية، التي شهدتها المملكة خلال عام، جل أيامه بين نشاط مباشر محدود، وآخر على (الأون لاين) أو منصات وبرامج التواصل الاجتماعي.
شكّل أحمد خاماته من الصخور ومن الطحالب، التي جلبها طبيعية من أماكن تواجدها وعادة في المياه الراكدة، مضيفا إليها رؤيته الفنية والجمالية، وهو يوظف الأيبوكسي وصبه في قوالب استغرقت لتنفيذها فترة طويلة، وبلغت عشرين ألف قطعة أو قطرة كما أراد لها أن تكون وتعبر، كما أخذت الأسلاك منه ما يقارب الخمسة عشر ألف متر. علّق القطرات في سقف القاعة وبالمقابل تشكيله للأرض والفجوات الصخرية «الوقر» ونشر قطعة من القماش وزع عليها بقعا للطالحب، التي تتشكل مع بقاء الماء لفترة طويلة، لم يكتف الفنان بالعمل، بل سعى إلى استعراض فيلم لرحلته الفنية، واستعادة ظروف تشكل العمل وزمنها. شتاء ممطر وجريان المياه في ممرات أو قنوات، إضافة إلى تكون المياه في الوقر، وهو ما أراده الفنان. الفكرة بكل جوانبها تتواصل ونهج الفنان المفاهيمي، الذي سبقه أكثر من عمل عرضها داخليا، وبقي أن ترى النور في مناسبات خارجية ضمن أعمال فنانينا المعاصرة.