وتعهد يان كوبيش بالتزام الأمم المتحدة بتحقيق الاستقرار في ليبيا، والبناء على النتائج الإيجابية لملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف.
ويأتي ذلك في فترة انتقالية تشهد استكمال المسارين العسكري والاقتصادي بعد الاتفاق على تشكيل سلطة تنفيذية جديدة، وكانت نتائج التصويت على تشكيل السلطة التنفيذية الليبية الجديدة، قد أسفرت عن فوز محمد المنفي برئاسة المجلس الرئاسي، وعبدالحميد دبيبة برئاسة الحكومة المقبلة.
التدخل التركي
من جهته، طالب نائب رئيس المجلس الأعلى للقبائل الليبية الشيخ السنوسي الحليق، بإعادة النظر في أي اتفاقيات أبرمها رئيس حكومة الوفاق فايز السراج مع الجانب التركي، وتأجيلها إلى أجل غير مسمى، ووصفها بـ«الصفقات المشبوهة»، مؤكدًا أن السراج لا يملك إعطاء حقوق ومقدرات الأجيال الليبية القادمة إلى تركيا، وأن هذا يقرره الليبيون في إطار دستوري وقانوني ولا يقرره شخص واحد.
وأكد الحليق أن المكسب الأكبر وأهم تطور إيجابي على الصعيد الليبي، هو جلوس الأطراف كافة على طاولة المفاوضات نفسها، موجهًا الشكر لرئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح؛ باعتباره صاحب المبادرة.
وعبر نائب رئيس المجلس الأعلى للقبائل الليبية عن سعادته بوقف القتال في ليبيا، مشددًا على أن الأراضي الليبية لن تكون ساحة حرب لتصفية حسابات بين أطراف أجنبية.
ونفى الحليق ما تردد عن علاقة رئيس المجلس الرئاسي الليبي الجديد، محمد يونس المنفي، بتنظيم الإخوان الإرهابي من قريب أو بعيد، موضحًا أنه ابن عائلة معروفة في شرق ليبيا، وكان ضمن كوادر جبهة الإنقاذ.
وشدد الحليق على أن أول مطالب الشعب الليبي هو خروج المقاتلين المرتزقة من الأراضي الليبية وعودة الاحتلال من حيث أتى، «في إشارة منه إلى الوجود العسكري التركي»، مؤكدًا أنه المعرقل الأساسي للمسار الديمقراطي، حيث تضم الأراضي الليبية أكثر من 20 ألف مرتزق و23 مليون قطعة سلاح.
وثمّن نائب رئيس المجلس الأعلى للقبائل الليبية، دور الجيش الليبي واعتبره أهم العوامل لتوحيد صفوف الشعب الليبي، وأكد ضرورة إطلاق سراح سجناء الرأي وليس مَنْ يحملون الفكر المتطرف، وضرورة إنشاء وزارة «المصالحة الوطنية» في ليبيا.
مشروع مخطط
فيما يرى رئيس المجلس الأعلى لقبائل ورشفانة د. المبروك محمد أبو عميد، أن ما حدث في جنيف هو استكمال لمشروع مخطط له مسبقًا.
وقال: إن المبعوثة الأممية السابقة ستيفاني وليامز نجحت في تنفيذ مخططها على أكمل وجه، حتى وصل الأمر بالمترشحين لنسيان طريقة اختيار لجنة الحوار وخارطة الطريق المرسومة للوصول للوضع الدائم والمقرر في 24 ديسمبر.
وأضاف أبو عميد: إن كل المؤشرات تؤكد أنه لا يمكن أن تتم الانتخابات في التاريخ المقرر لعدد من الأسباب؛ أهمها، أولاً الاستفتاء على الدستور الذي تشير كل التوقعات إلى أنه سيتم رفضه وإعادة صياغته من جديد، وهذا الأمر يتطلب على الأقل 6 أشهر أخرى، والعامل الثاني هو تعثر وربما فشل لجنة 5+5 في تنفيذ بنود الاتفاق، والعامل الثالث الميليشيات ورفضها تسليم أسلحتها، وإعلان رئيس الحكومة ورئيس المجلس الرئاسي قبل تنفيذ بنود الاتفاق العسكري 5+5، يعد مؤشرًا لصعوبة قيام الحكومة الجديدة بمهامها المتمثلة في تهيئة البلاد للانتخابات من الناحية الأمنية، وتقديم الدعم المالي والسياسي للمفوضية العليا للانتخابات، والتأكيد على استمرار توحيد المؤسسات خاصة المؤسسات الاقتصادية والرقابية والعسكرية، والحدّ من الفساد ومنع تأثيره على الانتخابات المقبلة وحل الميليشيات، ومن مهامها أيضًا المصالحة الوطنية التي تعد من أعقد الملفات، خاصة في وجود الميليشيات الجهوية والمناطقية وغياب مؤسسات الدولة الحقيقية، وكذلك تنفيذ العفو العام وعودة المهجرين والنازحين، التي تعتبر من عوامل انعدام الثقة وزيادة الاحتقان، لذلك فإن المشهد قد يعود للمربع الأول في ظل الصراع الإقليمي والدولي في ليبيا.
تسارع الأحداث
من جانبه، يوضح عضو مجلس النواب الليبي صالح أفحيمة، أن تسارع الأحداث والتغيرات الحاصلة في المشهد السياسي الليبي هو ظاهرة صحية.
وقال أفحيمة في منشور على حسابه الشخصي «فيسبوك»: قبول الآخر كما هو كشريك في الوطن، وبصرف النظر عن الأخطاء والمغالطات والمخالفات القانونية، التي تم تعبيد الطريق بها نحو صناديق الاقتراع تلك، كل ذلك إن لم يكن ظاهرة صحية فهو على الأقل مؤشرات تعافٍ من أمراض خطيرة، كادت -لولا توفيق الله وجهود المخلصين- أن تفتك بوطن وشعب أدرك متأخرًا أنه ضحية اصطفافه خلف أشخاص بصرف النظر عن مشاريعهم.
وأضاف: سيبقى مطلوبًا بقوة من الجميع الاستمرار في دعم السلطة الجديدة، طالما لم تنحرف عن المسار المرسوم للخروج بالبلاد من أزمتها، الدعم المطلق قد يكون غير محمود، تمامًا كما هي المعارضة والاعتراض لغرض المعارضة والاعتراض، ومن هنا يجب أن يكون دعمنا مشروطًا بعدم الانحراف عن المسار أو الحيود عن الطريق نحو الهدف المنشود استحقاق 24 ديسمبر 2021.
ويواصل أفحيمة: لم يكن بالإمكان أفضل مما كان، وفي كل الأحوال ما تحقق من مكاسب ليس سيئًا مقارنة بالمصير، الذي كان ينتظر البلاد فيما لو فشلت جنيف، وعليه يجب أن نضع دائمًا نصب أعيننا أن الحفاظ على المكاسب دائمًا أصعب من نيلها.
بارقة أمل
واعتبر الناشط السياسي الليبي عمر الراشد، أن القيادة الجديدة المنبثقة عن مؤتمر جنيف برعاية الأمم المتحدة، تمثل بارقة أمل لليبيين.
وأضاف: «إن انبثاق الحوار السياسي الليبي عن قيادة جديدة من شأنه إنهاء كل الأجسام والحكومات التي جثمت على صدور الليبيين»، وتابع: إن القيادة الليبية الجديدة انبثقت بعد صراع طويل بين الليبيين، ومعاناة طويلة للمواطنين من انقسام مؤسسات الدولة وارتداد ذلك على المواطن البسيط طيلة السنوات العجاف السابقة.
وأشار الراشد إلى أن الشعب الليبي بارك بكل مكوناته وأطيافه القيادة الجديدة، بعيدًا عن التدخلات الخارجية وبعيدًا عن المحاصصات، إضافة إلى أن القيادة العامة للجيش الليبي أيدت وباركت بدورها مخرجات الحوار.
وأعرب الراشد عن أمله أن تعمل القيادة الليبية الجديدة على رأب الصدع والمصالحة الوطنية وإنهاء الانقسامات وعودة الحياة الطبيعية في البلاد، شرقًا وغربًا وجنوبًا، مؤكدًا أن المواطن الليبي البسيط يرى في قيادته الجديدة بصيص أمل، وأوضح أنه خلال أسابيع ستنال الحكومة ثقة البرلمان وإن لم تأخذها من أعضاء لجنة الحوار الـ75.
وشدد الراشد أن كل الليبيين في الداخل والخارج انتظروا هذه الحكومة الموحدة بفارغ الصبر، مضيفًا «أنها ستكون حكومة وحدة وطنية لكل الليبيين».
رسالة للحكومة
ووجه عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور عمر النعاس، رسالة إلى الحكومة الليبية الجديدة «المؤقتة»، وقال: أنتم حكومة أزمة لمعالجة وضع بائس نتيجة الفوضى والفساد والمحاباة، ومهمتكم الرئيسية خدمة المواطن الليبي وزرع الثقة والأمل في التحسّن نحو الأفضل، ينبغي ألا تحوي الحكومة حقائب كثيرة ويجب التركيز على أهم المهام خلال 9 أشهر، ومنها: وجوب العمل على تحقيق الأمن والاستقرار في ربوع البلاد، وتوحيد مؤسسات الدولة، وتحقيق الحياة الحرة الكريمة للمواطن الليبي أينما كان، وتوفير الخدمات الأساسية.
وشدد النعاس على ضرورة حماية المواطن وتوفير سبل الوقاية من الأوبئة، بالتعاقد الفوري على استيراد الكمامات اللازمة واللقاحات الفعالة، ومنحها «مجانًا للمواطنين جميعًا»، والتفعيل الجدي لجهاز القضاء وأجهزة الرقابة ومكافحة الفساد، والعمل على دعم نشر التوعية الدستورية بكل الوسائل الممكنة؛ ليكون المواطن الليبي على وعي ومعرفة بالمسار الدستوري، حتى يقول كلمته الفاصلة بالقبول أو الرفض من خلال الاستفتاء.
ويزيد: إلى جانب التأكيد أن الاستفتاء حق أصيل للشعب تضمنته النصوص الدستورية في الإعلان الدستوري، وأن إصدار الدستور يجب أن يسبق الانتخابات العامة المحدد لها يوم 24/ 12/ 2021، حيث يجب أن تكون الانتخابات وفق أحكام الدستور، وذلك لضمان توافر الشروط الدستورية في الانتخاب والترشح، إضافة إلى تقييد كل السلطات المنتخبة بالأحكام الواردة في الدستور «كالمساءلة والمحاسبة والمحاكمة والعزل»، ترسيخًا لمبدأ أن الشعب الليبي يصنع دستوره والشعب هو مصدر السلطات.
صعوبة المهمة
ويرى الناشط السياسي أحمد رشوان الشهيبي أن المهمة صعبة أمام السلطة التنفيذية الجديدة، ونأمل منهم وفي أسرع وقت ترميم النسيج الاجتماعي المتهالك من 2011 وجبر الضرر وخروج السجناء ودعم الخيرين، من أجل تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، وأن يكون الاهتمام بالمواطن بشيء ملموس، المواطن الليبي يعاني من تردي الأحوال المعيشية وتراكم الأزمات المالية ورفع قيمة الدخل لكل العاملين في كل قطاعات الدولة.
وأبدى الشهيبي أمله في الاهتمام بشريحة المتقاعدين ودعم الشباب وعدم إقصائهم للقيام بواجباتهم اتجاه الوطن، والتأكيد على قانون الانتخابات القادمة والالتزام بموعدها المحدد، والعمل على أن تكون نزيهة بعيدة عن كل الموانع والعوائق أمام أي شريحة من المجتمع، فمن حق الليبيين أن يختاروا مَنْ أرادوا أن يحكمهم، وختامًا لا ننكر تفاؤلنا باختيار هذه الشخصيات، التي لها من الوطنية ما يجعلها أن تنجح في كل الاستحقاقات المذكورة سلفًا، ولكن من باب التذكير.
مؤسسية الجيش
وكان اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الليبي، أوضح أن الجيش مؤسسة ضمن المؤسسات الليبية في الدولة، تتعامل مع أي سياسي وفقًا للقانون والإعلان الدستوري القائم حاليًا.
وقال: إنه وفق الاتفاق السياسي فإن المجلس الرئاسي الجديد هو القائد الأعلى للجيش الليبي، مشددًا على أن أهم ملفين يواجهان الجيش هما خروج المرتزقة والقوات الأجنبية، ومعالجة الميليشيات المسلحة، وفرز المجموعات التكفيرية، التي لا تؤمن بالدولة، قائلاً: إن الوجود العسكري الأجنبي في ليبيا هو احتلال واستعمار، وهو التحدي الذي يواجه لجنة (5+5)..
وأضاف إن المهام التي ستوكل لضباط القيادة العامة والمنطقة الغربية، مثل وضع الخطط التعبوية لتنفيذ الاتفاق وتبادل المحتجزين ونزع الألغام.
ونوه بأن المجتمع الدولي عليه دعم مهام إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من العسكريين الأتراك والمرتزقة السوريين أو من الجنسيات الأفريقية.