قد يبادر البعض بجواب سريع، ويقول: نعم سأتناوله فورا وبلا تردد، فالحياة جميلة، وكم هو عظيم أن أعيش فيها آلاف أو مئات السنين، ولكني أريد منكم إطالة التأمل في الموضوع.
طرحت هذا السؤال على صديق، فباغتني بسؤال مباشر أعجبني، حيث قال: هل سيوقف هذا الإكسير عجلة تقدم السن وظهور متاعب الشيخوخة، أم أن العمر سيطول فقط، مع استمرار التردي الصحي والضعف الجسدي الذي يزيد مع مرور السنين؟.
والحقيقة هي أن سؤال صديقي على درجة عالية من الأهمية، ولذلك سأغير صياغة السؤال الوارد في بداية هذه المقالة فأقول: افترض أيها القارئ أنك عثرت على إكسير يطيل عمرك إلى آلاف أو مئات السنين، مع ثبات صحتك وقوتك على درجة مناسبة أو معقولة، تضمن لك القيام بكل ما تريد بشكل جيد، ولا تصاب معها بأمراض مزمنة أو خطيرة، ولا تصل إلى مستوى الوهن والضعف، وإنما تعيش حياة طبيعية، لا يعتريك فيها -من الناحية الصحية- إلا ما يعتري جميع الناس في الوضع الطبيعي، من أمراض بسيطة تأتي وتزول.
هل ستتعاطى هذا الإكسير؟
ما أريد أن أصل إليه تحديدا، يظهر في نقطتين:
1- أن الحياة إذا طالت كثيرا، فقد يشعر الإنسان بالملل والسأم منها ومن أحوالها وظروفها ومشاكلها وتقلباتها ومصائبها، وفي ذلك يقول الحكيم زهير بن أبي سلمى:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ** ثمانين حولا لا أبا لك يسأم
ونلاحظ أن الملل والسأم عانى منه زهير وهو في الثمانين، فكيف سيكون الحال بمن يعيش آلاف أو مئات السنين؟!.
2- أن الحياة -رغم سحرها وجمالها- مليئة بالصعوبات والمنغصات، وليست أفراحا دائمة ولا مسرات خالية من المكدرات، وهذا ما يجعل معاناة الإنسان فيها مستمرة، حتى لو كانت صحته جيدة، فالمتاعب غير الصحية كثيرة ومرهقة في كثير من الأحيان.
وبذلك تظهر لنا حكمة خالقنا العظيم حين جعل الموت نهاية طبيعية جميلة للحياة.
أما بالنسبة لي شخصيا، فلو سألوني نفس السؤال الذي طرحته عليكم في هذه المقالة، لقلت باختصار وتركيز: نعم سأتناول إكسير إطالة العمر لو وجدته، فأنا كالكثيرين أحب الحياة، ودائما أردد قول الأخطل الصغير:
دعني وما زرع الزمان بمفرقي ** ما كنت أدفن في الثلوج صداحي
من كان من دنياه ينفض راحه ** فأنا على دنياي أقبض راحي
ولكنني بصراحة، سأحاول اشتراط شرط قبل أن أتعاطى ذلك الإكسير الافتراضي إن وجدته، والشرط هو أن تكون إطالة العمر إلى حد معقول، أو أن يكون لدي خيار التراجع في أي وقت أراه مناسبا -إذا بلغ بي الملل والسأم حدا كبيرا- أو أن تتاح طريقة علمية أو طبية مثلا، تخلص الإنسان من تأثير ذلك الإكسير في أي وقت يريد.. وإذا لم يتحقق الشرط، فقد أتعاطاه على كل حال.
@WAEL_ALGASSIM