@7amedma
فكر في هذه الشاشة، التي تقرأ منها هذا المقال، أو الورق المطبوع على صفحاته، من أين أتت هذه الأشياء وكيف؟ خلف كل هذه الأشياء المُستحدثة شخصٌ خرج عن المألوف في زمنه ليصبح ما قدمه مألوفاً وشائعاً بعد حين، الإبداع سهل ممتع على كثير من الناس، فهو تحرر من قيود الأنماط الحالية، ورؤية ما لا يراه الآخرون في اللحظة الراهنة، لذلك فإن ردة الفعل المتوقعة من الأغلبية السائدة هي مقاومة الإبداع في بداياته، والنفور -بل وأحياناً التنفير- منه! لذلك فإن سلاح المبدع الأول هو إيمانه بذاته وتفرده، ثم يأتي بعد ذلك الدعم الخارجي، الذي يذلل كل العقبات أمام المبدعين ليرتقوا بجودة حياة الآخرين بشكل أو بآخر، المبدع كالطائر حبسه في قفص لن يفقده القدرة على الطيران، ولكنه سيمنعه من ذلك فقط! وبمجرد فتح الباب له سيحلّق عالياً كما خُلق. كم لدينا من المبدعين حبسناهم في أقفاص ذهبية -ولا أقصد الزواج هنا!- جعلتهم أشبه بطيور الزينة، التي اقتصر نفعها على إمتاع كمية محدودة من الأشخاص في حيز مكاني ضيق بينما هي خلقت لتجمل مساحات جغرافية أكبر من ذلك بكثير.
إن الخروج عن المألوف يحتاج لضبط لا شك في ذلك، ولكن هناك فارقا كبيرا بين الضبط الكابت للإبداع، وبين التوجيه الصحيح له، الذي ينعكس إيجاباً ويرشد الفكر إلى الطريق الصحيح النافع، إن الخوف من الجديد وغير المجرب وكسر النمط التقليدي خوف مشروع أحياناً، وغير مشروع في أحيان أخرى لعدم واقعيته. وإن كان الخروج عن المألوف قد لا يكون جيداً في كثير من الأمور، فإن الإبداع الحقيقي هو الخروج الحميد عن المألوف!