أروقة المحاكم كشفت لنا ما يحدث خلف أسوار المنازل من حكايات وقصص وصلت للقضاء، ولعل أهمها قضايا «الميراث»، التي أصبحت قضاياها لافتة للنظر، وتدعو لوقفة معها بسبب ما خلّفته من تفكك لبعض الأسر، وصراعات وعداوات بين الأشقاء.
الميراث هو حصيل سنوات من عمر الأب من الجهد والتعب والصبر لتأمين حياة كريمة للعائلة في المستقبل ولضمان أن أسرته ستعيش في أمان مادي يجنّبها ظروف الحياة وصعوباتها. لكن مع الأسف قضايا الميراث تحولت مؤخراً إلى كابوس مرير في بعض عوائل المجتمع السعودي، وبخاصة مع ما نشاهده من قصص مؤلمة لأشقاء ولدوا وعاشوا في نفس المنزل يجري في عروقهم دم الإخوة خرجوا من رحم واحد لكنهم وبكل أسف اختلفوا وتفرقوا، بل وتحولوا من إخوة إلى أعداء يقفون كـ «خصوم» في ساحات القضاء من أجل ماذا؟ فقط من أجل الحصول على ميراث والدهم، الذي فارق الحياة، بل ووصلوا إلى مرحلة «هذا حقي وأبي فلوسي» وهو لا يعلم أو يتخيل طوال حياته أن ما تركه من إرث سيدفعهم إلى التقاتل عليه والصراع من أجله ضاربين بأواصر الإخوة عرض الحائط، غير مدركين أن ديننا الحنيف وضع الضوابط والتشريعات الخاصة بالميراث.
قضايا الميراث تنوعت أشكالها وفصولها بين نزاعات على نصيب الأشقاء من الميراث، أو بسبب تفضيل الأب أحد أبنائه على باقي أشقائه، وهو ما قد يفسرونه على أنه إجحاف بحقهم وحرمانهم من حقوقهم، ومخالف للشريعة الإسلامية، وهناك أيضا بعض المشاكل والقضايا وصلت ما بين زوجات الرجل الواحد وهذا ما أثر على الأبناء سلباً ليكونوا خصوما.
هذه القضايا التي بدأت تتصاعد خلال الفترة الماضية، والتي أعتقد أنها تعود لعدد من الأسباب، التي كان أهمها ضعف الوازع الديني وحب النفس والطمع الزائد، الذي لا يرضاه الله أبداً، وكذلك تجاهل الآباء لتوعية وتثقيف أبنائهم بأهمية موضوع الميراث لتفادي اختلاف الورثة على المال، الذي يعتبر وسيلة وليست غاية.
هذه القضايا أخشى أن تتحول إلى «ظاهرة» وتؤدي إلى تفكك العائلات وقطيعة الرحم، وتفرق الأشقاء وتحولهم إلى أعداء، وتدهور العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة، وبالتالي تفكك الأسرة وانهيارها.
الميراث ليس فقط مالا وعقارات، وإنما تكريم لمسيرة وعطاء أب كرّس حياته لرعاية أبنائه.
@alsyfean