القاصة والناقدة د. سميرة الزهراني: القصة القصيرة جنس أدبي جذاب يستميل السامع والمبدع على حدٍ سواء، فبينما يسعى المتلقي إلى مزيد من القص الطريف المشوق، يسعى الكاتب إلى إبداع الكثير من هذا الفن، بغية استمالة السامعين وإدهاشهم بما يقوله ويكتبه، والاحتفاء بها في يومها العالمي فكرة سديدة تعطيها الكثير من الاهتمام، وإن كان حق القصة أن نهتم بها في كل الأوقات وعلى مدى العام، كونها فنا خفيفا له عشاقه ومؤيدوه ومريدوه، فالاحتفاء بالقصة بمثابة شمعة تُوقد لتنير الطريق لهذا الجنس الأدبي المحبوب لكثير من القراء باختلاف ميولهم وآرائهم وأعمارهم.
أما مبادرة وزارة الثقافة فهي مبادرة تُذكر فتُشكر؛ لأن احتفاء هيئة الأدب والنشر والثقافة باليوم العالمي للقصة القصيرة جاء بطريقة مميزة، بحيث تضع للجمهور قصصًا قصيرة بشكل مجاني وبطريقة جذابة، وكل ذلك يحسب لوزارة الثقافة، وهو جزء من مهامها، حيث تعمل على التشجيع على القراءة ونشر المنتج الأدبي من جهة، والاحتفاء بهذا الفن القديم الحديث الذي يستهوي الكثيرين من جهة أخرى، كما ينبغي أن يبقى هذا الفن ويدوم ليعبر عن الحاجات والهموم والمشاعر، وعن كل ما يتصل بالإنسان حقيقة كان أو خيالًا.
منهج فريد
القاص والروائي علي معشي: احتلت القصة مكانًا عاليًا، وتسنمت موضعًا شامخًا في القرآن الكريم، حينما كانت إحدى الطرائق في الخطاب القرآني والتوجيه الإلهي، فقال الله تعالى: «نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْءَانَ»، وذلك لما للقصة من صدق في الطرح، وسلاسة في العبارة، وتصوير للحدث وتقريب للمعاني، ووقعها في النفس يفوق لغة الخطاب المباشر، وهي منهج تربوي فريد طالما كان حاضرًا على مر العصور في الجوانب الدينية والاجتماعية والسياسية، والقصة نداء صادق من الأعماق، يستدعي كاتبها ويلح عليه للولوج في عالم الحرف والكلمة والصورة الأدبية البليغة؛ لتمثيل المفاهيم والمعاني على هيئة قصص تلامس واقع الحياة، وتستشعر أحداثها، حتى لكأن قارئها أو سامعها حاضر في التفاصيل، مندمج في ثنايا تلك الأحداث؛ لتشكل لديه توجهًا ورأيًا فرديًا أو جمعيًا.
وتخصيص يوم عالمي للقصة لهو تقدير كبير لهذا العمل الإنساني البديع، وإنقاذ لهذا الفن الجمالي الرائع، لا سيما وقد طغت عليه بعض الفنون الأخرى كالشعر والرواية وغيرها، وأصبح رواده قليلون، بل إن البعض يعتبره مجرد مرحلة ابتدائية ينتقل منها إلى الرواية وليس فنًا قائمًا بذاته، ولكن الاهتمام به كفن وعمل إنساني يدخل في عروق الحياة اليومية، وتفاصيل الجوانب الاجتماعية والنفسية، وإدراجه في المناهج الدراسية والمناشط الثقافية سيكون بإذن الله كفيلًا بإحيائه ومحفزًا لرواده وكُتابه؛ ليحافظوا عليه ويطوروا أدواته ووسائله؛ كي لا يذوب في غيره من الفنون، ولا يختلط بسواه من الأنواع الأدبية كالقصص القصيرة جدًا والخواطر الأدبية والكتابات المسرحية وما شابهها، ولعل المؤسسات الأدبية والثقافية سواء الرسمية منها أو الشعبية، تتحمل الجزء الأكبر في تطوير ودعم فن القصة القصيرة، وإبراز إنتاج كُتابها، ورصد الجوائز المجزية، والمساعدة على طباعة الأعمال المميزة، وكذلك تقوم الحجة على الجامعات وكليات اللغة والأدب بتقديم الدراسات والأبحاث ونشر الرسائل العلمية المعنية بهذا الجانب المهم جدًا؛ لمساعدة رواده، وإثراء الساحة الأدبية والثقافية، والبحث عن الكوادر المميزة من المغمورين الذين ربما لم يجدوا الفرص الكافية لإبراز عطاءاتهم الأدبية.
لعبة سردية
القاص فيصل الشهري: هذه اللعبة السردية الشهية بعوالمها الواقعية والمتخيلة تستحق هذه الطواف العالمي حول جمالياتها، وأعتقد أن هذه الإشارة والاتفاق العالمي نحو القصة القصيرة يمنحها حقها بين الفنون السردية ويعلي من كعبها، لا سيما إننا نخوض حربًا مع وباء كورونا، لكن هذا كله لم يجعل العالم الأدبي يتناساها أو يقصيها من دائرة اهتمامه، أما على المستوى المحلي، فإن المشهد الثقافي المحلي يطوقه حراكًا فاعلًا من خلال إقامة أمسيات قصصية تُعرِّف بالفن وتعرض تجاربه، وكل ما أرجوه أن يحرض هذا الاحتفال على نمو جوائز أدبية ذات أهمية في وطني.