ولفت المصدر إلى أن هذا التوجه يأتي تماشياً مع إعلان مستهدفات استراتيجية عاصمة المملكة الرياض 2030 خلال منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار الذي عُقد مؤخراً وتم خلاله الإعلان عن عزم 24 شركة عالمية نقل مقراتها الإقليمية إلى الرياض.
وأكد المصدر أن ذلك لن يؤثر على قدرة أي مستثمر في الدخول في الاقتصاد السعودي أو الاستمرار في التعامل مع القطاع الخاص، وسيتم إصدار الضوابط المتعلقة بذلك خلال عام 2021م
وأكد اقتصاديون أن المملكة تخطط لبناء اقتصاد مزدهر كأحد الركائز الأساسية لرؤية 2030، التي أطلقها ويشرف على متابعتها وتنفيذها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وذلك من منطلق حرصه على توفير بيئة تطلق إمكانات الأعمال وتوسع القاعدة الاقتصادية وتوفر فرص عمل لأبناء الوطن.
وأشاروا إلى أن المملكة تتمتع بموقع جغرافي متميز، فيما استشعر سمو ولي العهد أهمية ذلك لتعزيز مكانة الاقتصاد السعودي الذي أصبح يتفوق عن غيره من اقتصادات الشرق الأوسط، لا سيما في قدرته على استقطاب المزيد من الشركات والاستثمارات العالمية لتكون مقرا إقليميا رئيسا لأعمالها وأنشطتها بالمنطقة.
ولفت الاقتصاديون إلى أن الدفع باتجاه توطين أعمال الشركات والمؤسسات الأجنبية التي لها تعاملات مع حكومتها والهيئات والصناديق والمؤسسات التابعة لها حق أصيل للمملكة للحد من التسرب الاقتصادي ورفع كفاءة الإنفاق، مشيرين إلى أن وجود مقرات إقليمية لكبريات الشركات العالمية بالمملكة يسهم في توفير عشرات الآلاف من الوظائف للمواطنين وزيادة نسبة المحتوى المحلي، فضلا عن نقل الخبرة والمعرفة لشباب الوطن.
وأكدوا أن قرار المملكة بوقف تعاقد حكومتها مع أي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية لها مقر إقليمي في المنطقة في غير المملكة حدد موعدًا زمنيًا للتطبيق في أول يناير من عام 2024، وذلك لإتاحة الفرصة كاملة أمام رؤوس الأموال المتعاقد معها؛ لدراسة خياراتهم ولعدم التأثير على تعاقداتهم الحالية، مشيرين إلى أن خطوة المملكة في حظر تعاقد الحكومة مع الشركات التي لا تتواجد مراكزها الإقليمية على أراضيها، يستند لإعطاء ميزة تنافسية للشركات للاستفادة من متانة الاقتصاد السعودي وقوة مركزه المالي، ولن يؤثر على قدرة أي مستثمر في الدخول للاقتصاد السعودي أو استمراره.
وأوضح الاقتصاديون، أن المملكة ذات مكانة اقتصادية عالية وتتمتع بمركز مالي قوي، فيما تعد أكبر اقتصادات المنطقة وضمن أكبر عشرين اقتصادا في العالم، لا سيما أنها تمتلك كامل مقومات النجاح وعوامل الاستقرار لأي رؤوس أموال تبحث عن جاذبية الاستثمار.
وأضافوا إن الاقتصاد الوطني السعودي يُعد أحد محركات التنمية في المنطقة ككل، فيما أن افتتاح الشركات العالمية لمراكز إقليمية ورئيسية لها يؤثر إيجابا على استدامة أعمالها ونمو أنشطتها.
وتابعوا: القرار يهدف لأن تكون الخدمات والمنتجات الرئيسية التي يتم شراؤها من قبل الأجهزة الحكومية المختلفة من الشركات العالمية يتم تنفيذها على أرض المملكة وبمحتوى محلي مناسب، ما سيرفع من جهود التوطين وخلق الوظائف وتنمية المحتوى المحلي.
وأضافوا إن القرار يعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني، إضافة إلى أن رؤوس الأموال الأجنبية ستستفيد من افتتاح مقراتها الإقليمية داخل المملكة، مشيرين إلى أن وجود القيادات الإقليمية العليا للشركات العالمية في المملكة يسهم في تسهيل الإجراءات وسرعة اتخاذ القرارات وفهم حاجات السوق المحلي بشكل أكبر مما يؤدي إلى توسعة تلك الاستثمارات.
وأكد الاقتصاديون أن افتتاح مقرات رئيسية لكبرى الشركات العالمية في المملكة من شأنه أن يحد من التسرب الاقتصادي، ويعمل على تنمية القطاعات الجديدة، بوصفه ممكنًا أساسيًا من ممكنات النمو الاقتصادي الذي تطمح الرياض إلى تحقيقه.
وأكدت مستشار التنمية البشرية والاتصالات المؤسسي رنا زمعي أن هذا القرار يتماشى مع المبادرات السابقة التي تم إطلاقها لتعزيز المحتوى المحلي مما يدعم مخرجات الصناعة وتوطين الأيدى العاملة.
وأضافت إن القرار يمكن القطاع الصناعي، خاصة أنه يوفر العديد من الوظائف، مشيرة إلى أن القطاع الصناعي تأثر في العام الماضي من الجائحة، وانقطاع بعض المواد فضلا عن تأثر الحركة اللوجستية. وأشارت إلى أن القرار يمكن المنشآت الصغيرة والمتوسطة إذ تستطيع تغطية تكاليف التشغيل وتطوير خدماتها لتغطي شريحة أكبر ولتصبح قائمة منتجاتها أكبر إذ تضمنت آليات تفضيل المحتوى المحلي آلية التفضيل السعري للمنتج الوطني وآلية وزن التقييم المالي والحد الأدنى المطلوب وكذلك القائمة الإلزامية للمنتجات الوطنية.
وأوضحت أن تمكين القطاعات يتماشى مع برنامج «اكتفاء» الذي يعزز الممارسات الوطنية في الإنتاج في منتجات النفط والغاز الذي يلبي احتياجات المملكة ويعزز القيمة المضافة لقطاع التوريد بالمملكة، مشيرة إلى أن الهدف ليس فقط تغطية الطلب المحلي فقط بل الوصول بصناعاتنا الوطنية والمنشآت الصغيرة والمتوسطة للتوريد وهذه البرامج ترفع القدرة التنافسية بين الصناعات المحلية وبالتالي التنافس سترفع جودة المنتج المحلي.
ولفتت إلى أن القرار جاء منصفا خاصة أن المملكة لها دور كبير في تشغيل العديد من الشركات العالمية والتي تحصل على عقود العمل والمشاريع والصفقات والاستشارات من المملكة في حين أنها وموظفيها مستهلكون في دول مجاورة والأولى أن يكونوا في الدولة الأكثر وفرة لفرص العمل وبالتالي الفائدة الثقافية والاقتصادية تكون متبادلة.
وأفاد المستشار القانوني بندر العمودي بأن المملكة واحدة من أكبر 20 اقتصاداً على مستوى العالم والاقتصاد رقم 1 في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمركز 49 عالميا من حيث «سهولة ممارسة أنشطة الأعمال»، وذلك وفقاً لتقرير «ممارسة أنشطة الأعمال» الصادر عن البنك الدولي، فيما حقق اقتصاد المملكة طفرة من حيث سرعة نمو إجمالي الناتج المحلي، وفي الوقت الذي تواصل فيه المملكة تنويع اقتصادها، فإنها تكتسب سمعة متزايدة كقِبلة حيوية للاستثمارات الأجنبية المباشرة وفي هذا الإطار من التوازن والمرونة لجذب الاستثمار الأجنبي. وأوضح أن في إطار هذا التوجه فإن القرار له أثر واضح وملموس في خلق الوظائف، والحد من التسرب الاقتصادي، ورفع كفاءة الإنفاق، وضمان أن المنتجات والخدمات الرئيسية التي يتم شراؤها من قِبل الأجهزة الحكومية المختلفة يتم تنفيذها على أرض السعودية، وبمحتوى محلي مناسب. وأشار إلى أن ذلك يعتبر مرونة في التعامل مع الاستثمارات بشكل متوازن وجاذب لقدرة أي مستثمر على الدخول في الاقتصاد السعودي أو الاستمرار في التعامل مع القطاع الخاص، وسيتم إصدار الضوابط المتعلقة بذلك خلال عام 2021م. وأوضح أنه توجد أسباب متعددة وراء استمرار نجاح المملكة إذ إنها الاقتصاد الأبرز في المنطقة إقليميا وعالمياً ورقم لا يمكن تجاوزه بأي حال.