الإطاحة بالديمقراطية
ومضى التقرير يقول: بينما تحتجز قوات الأمن في ميانمار السياسيين الديمقراطيين وتصطدم مع الآلاف من المتظاهرين الذين يحتشدون في الشوارع للتنديد بالانقلاب العسكري الذي وقع هذا الشهر، تدور التساؤلات حول ما إذا كانت الصين، الداعم الأجنبي الرئيسي للنظام، لها يد في الإطاحة بالديمقراطية الهشة؟
وأضاف: إن دعم الصين القوي على مدى عقود لحكام ميانمار العسكريين المتوحشين، إلى جانب النفوذ الاقتصادي الهائل لبكين في ذلك البلد، والذي يطلق عليه أحيانًا اسم «الساحل الغربي» للصين، أدى ببعض المراقبين إلى استنتاج أن جنرالات نايبيتاو تصرفوا بموافقة ضمنية على الأقل من بكين.
وأردف: مع ذلك، يؤكد العديد من الخبراء أن مصالح الصين الحالية في ميانمار أكثر تعقيدًا بكثير، وتتجاوز التقارب الإيديولوجي الأساسي بين الأنظمة الاستبدادية، وتابع: في الواقع، وبحسب الخبراء، فإن الاستيلاء العسكري على الحكومة المدنية التي تقودها الزعيمة المحتجزة الآن أونغ سان سو تشي، يتعارض مع أولويات بكين القصوى للعلاقة، والتي تتمثل في تحقيق الأمن على طول حدودهما المشتركة التي يبلغ طولها 1300 ميل، والاستقرار داخل ميانمار، والروابط الاقتصادية مع بقية العالم عبر ميانمار.
المصلحة الصينية
ونقل عن يون صن، مديرة برنامج الصين في مركز ستيمسون بواشنطن العاصمة، قولها: إن قادة بكين لا يرون العودة إلى المجلس العسكري في المصلحة الوطنية للصين، الانقلاب وضع الصين في موقف صعب؛ لأن عدم الاستقرار في البلاد يضر بما تريد الصين متابعته من أهداف. وبحسب التقرير: في الواقع، عكست تصريحات الصين الرسمية بشأن ميانمار مخاوف بشأن الاستقرار.
ونقل عن وانغ ون بين المتحدث باسم وزارة الخارجية، قوله: نأمل أن تتعامل جميع الأطراف في ميانمار بشكل صحيح مع خلافاتها بموجب الإطار الدستوري والقانوني، والحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي.
وأضاف التقرير: رغم أن بكين عارضت بيانًا صادرًا عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدين الانقلاب، فإنها وقّعت على بيان يعرب عن القلق العميق إزاء إعلان حالة الطوارئ التي فرضها الجيش في ميانمار، والاعتقال التعسفي لأعضاء الحكومة، بما في ذلك مستشارة الدولة أونغ سان سو تشي.
ويواصل التقرير: ودعا بيان الأمم المتحدة إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين، والضغط من أجل استمرار دعم التحول الديمقراطي في ميانمار، وأردف: بحسب الخبراء، من المؤكد أن الهدف الأسمى للصين في ميانمار والدول المجاورة الأخرى، هو تعميق نفوذها مع إضعاف نفوذ الولايات المتحدة.
تعزيز السيطرة
وتابع آن سكوت تايسون في تقريره بالقول: تحركت بكين بقوة في الأشهر والسنوات الأخيرة لتعزيز السيطرة على المناطق الحدودية مثل شينجيانغ وهونغ كونغ، مع الضغط فيما يخص مطالبات إقليمية على طول الحدود مع الهند وفي بحر الصين الجنوبي.
وبحسب التقرير، يقول المحللون: «إن أفضل طريقة في ميانمار لتحقيق مثل هذه الغايات قد لا تكون دعم انقلاب عسكري، لا سيما بالنظر إلى الروابط القوية والنفوذ الذي بنته بكين مع السيدة أونغ سان سو تشي وحكومتها».
ولفت إلى أن بكين أظهرت براجماتيتها في العمل على بناء علاقات مع السيدة أونغ سان سو تشي وحكومتها، وتابع: وضع الانقلاب الصين مرة أخرى في موقف يضطرها للدفاع عن النظام باعتباره «الجار الصديق» منذ فترة طويلة، رغم أن هذا الدعم قوض صورة بكين في ميانمار وخارجها.
ونقل عن صن قولها: يرى الرأي العام البورمي في الصين مؤيدًا لدعم الجيش مرة أخرى والتخلي عن سو تشي، هذا يضع الصين في معارضة للشعب البورمي.
مشاركة قلق
ومضى التقرير يقول: من جانبه، أظهر الجيش البورمي القومي على مر السنين أنه يحمل شكوكًا عميقة بشأن نوايا الصين في البلاد، وهو قلق تشاركه بدرجات مختلفة العديد من حكومات جنوب شرق آسيا، ويخشى الجيش من دعم بكين المزعوم لميليشيات المتمردين على طول الحدود، كما أثار في الماضي المشاعر المعادية للصين، كما ألغى مشاريع البنية التحتية المركزية لمصالح الصين في البلاد. وأضاف: في المقابل، دخلت حكومة سو تشي في مشاريع بنية تحتية كبرى مع الصين، بما في ذلك الممر الاقتصادي بين الصين وميانمار، كما وقّعت على اتفاقية التجارة الحرة للشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة التي تضم الصين، الشريك التجاري الأكبر لميانمار.
ولفت إلى أن أحد الأهداف الاستراتيجية الرئيسية للصين في ميانمار يتمثل في الوصول عبر الموانئ وخطوط الأنابيب، إلى المحيط الهندي، وبالتالي تقليل الاعتماد على مضيق ملقا. ونقل عن صن قولها: أهمية ميانمار بالنسبة للصين هي أنها نقطة اتصال مع العالم، فإذا أصبحت منبوذة دوليًا، فما الذي يمكن أن تتصل به الصين؟