هذه حقائق أصبح من المسلم بها في المنظور القريب على الأقل. العودة الأمريكية الديمقراطية إلى مقاربة ملفات المنطقة برزت من خلال عنصرين: الأول، الحديث عن حالة عدم الاستقرار في المنطقة والاعتراف بأن هناك فاعلين اثنين سبب هذه الحالة بشكل مباشر وملموس هما: النظام السياسي الثوري الإيراني، ونظام الميليشيا الحوثية في اليمن، التي ينطبق عليها توصيفنا السابق للتابع المحلي للاعب الإقليمي. العجيب أن الجانب الأمريكي يعود إلى هذا الفهم وهو لا يملك في جعبته غير عبارات القلق، والإعراب عن الأسف وتعقد الأوضاع، وأن هناك جهودا يجب أن تبذل وهي بطبيعة الحال جهود ليست سهلة، وقد تكلف المنطقة من أمنها، واستقرارها، ورفاهيتها، وشكل علاقاتها الخارجي المحتمل. العنصر الثاني هو التركيز الأمريكي للإدارة الجديدة على ما يسمونه السياسيين الأمريكان وبعض المحللين السياسيين وجلهم كانوا أصحاب مناصب سياسية في الإدارات السابقة بأولوية وقف الحرب الأهلية في اليمن. المعنى العام لهذا المعطى جميل، وجوهري، وبراق سياسياً، للأمريكان وغيرهم، لكن الجانب الأمريكي في مرحلة التعاطي العملي مع هذا المفهوم يتخلى بطريقة يصعب فهمها على المراقب العادي من عناصر موضوعية تتعلق بعدة أمور أبرزها، أن هناك خصوما لأمريكا في المنطقة، وهم بامتياز خصوم للأمن والاستقرار، وبالتالي إنهاء الحرب، التي تعطى لها أولوية واضحة في الخطاب السياسي الأمريكي الجديد. الشيء الآخر أن هناك قوى إقليمية قدمت وتقدم لخدمة مفهوم إنهاء الحرب خطوات ومبادرات، وجهود ناجحة، إضافة إلى الدعوات المستمرة للحوار والحلول السياسية الشاملة، ومع ذلك لم تثمن أو هكذا يبدو للمراقب هذه الجهود أمريكيا كما ينبغي. بقي أن نقول إن هناك شعورا يتعاظم في المنطقة بأن الإدارة الأمريكية الجديدة تتهيأ ربما لإعداد طبخة أمريكية جديدة تعبر من خلال إحياء ما يسمى بالاتفاق النووي الإيراني، وهذه النقطة تؤثر بشكل واضح في كل مقاربات إدارة بايدن، التي تظهر إلى الآن على الأقل حالة من الارتباك في تحديد أولويات عملها، وفي تحديد أهدافها خاصة فيما يتعلق بالحلفاء والخصوم.
@salemalyami