ورغم حيله فقد تحلى بالصمت! ولكن الأرقام نطقت بالنيابة فرسمت بريشتها النحيلة منحنى يحكي تأرجحا بين تجاوب وتهاون! هي لم تكن مجرد لوحة فنية أو ظاهرة إحصائية ولكنها مؤشر لوعي الشعوب وعزمها وحقيقة تحضرها.
فاليوم يخوض العالم ذات التحدي فالداء واحد ولكن المفارقة هي في أداء المجتمعات وإرادة أفرادها! فبينما تفرض حكومات الدول حالة استنفار وطوارئ لتحمي سكانها وتحرس أراضيها من كل مداخل الوباء، يتهاون البعض ليفتح أبوابا على مصراعيها!
وفي المقابل كان لهذه الظروف الاستثنائية دور في توسع مساحات المسؤولية الاجتماعية فالبعض اختار أن يفرض قيودا على نفسه طواعية! والتزم بالاحترازات الصحية وحقق التباعد الاجتماعي وساهم في نشر الوعي واستشعر أهمية المسؤولية الفردية.. كل ذلك من شأنه أن يثقل كاهل المنحنى المتصاعد! فينبسط بإذن الله ولا يجد له سبيلا سوى الاستقامة.
فالالتزام الدقيق اليوم هو تضامن واستجابة تعول عليها الأوطان والتي لا يختصر حبها بالعبارات والأناشيد والقصائد إنما أصبح اليوم ضرورة أن يكون نصابها الأكبر أفعالا ومواقف!
وحتى نكون أكثر إنصافا أيضا.. فليست كل الأوطان (أوطان)! فالوطن انتماء في ثناياه أمن واحتماء.. فما تبذله بلادنا المملكة العربية السعودية بقيادتها الرشيدة كان مميزا منذ البداية! فلم تتوان عن تقدير حجم الأزمة الراهنة وما اقتضته من استجابة مبكرة تتسق مع الوتيرة السريعة للوباء، فقد تكاملت أجهزة الدولة المعنية لتوظف أقصى إمكانياتها وجهودها في حماية المواطنين والمقيمين فكان سقف أولوياتها الإنسان وصحته وكرامته.
لذلك يستلزم علينا اليوم كمواطنين ومقيمين على هذه الأرض الطيبة أن نكون استكمالا لهذه المساعي الكريمة، وأن نستشعر دورنا الكبير في تحقيق السلامة المجتمعية والتي تكمن في تقيدنا بكافة الاحترازات الوقائية التي لطالما شددت عليها وزارة الصحة مشكورة، ومن الطبيعي إن كنا نخشى من أن تضيق علينا مساحاتنا أو ممارساتنا التلقائية البسيطة التي لم نكن نلقي لها بالا ولكن هذا التضييق والذي وصل إلى أقصاه بفترات الحجر المنزلي من العام الماضي كان أيضا نعمة وضرورة نتجاوز بها المحن ونضيق بها على الوباء فالحمد لله على وطن نحتمي بعد الله بأمنه ونظامه وبصيرته، فأقل ما نهديه انتماء وحبا هو صبر ومثابرة وعزيمة بإذن الله.