DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

محكمة البشير تثير جدلا.. سودانية أم دولية أم مختلطة؟

خبير إستراتيجي: ستفتح الباب لمثول «سياسيين حاليين» أمام «لاهاي»

محكمة البشير تثير جدلا.. سودانية أم دولية أم مختلطة؟
أثارت الأنباء المتواترة عن نية المجلس السيادي السوداني، تسليم الرئيس المخلوع عمر البشير، إلى المحكمة الجنائية الدولية جدلا كبيرا في البلاد، وفي ذات الوقت مخاوف من زيادة الاحتقان بين المكونين «العسكري والمدني».
وانقسم مراقبون ومحللون في أحاديثهم لـ«اليوم»، بين وضع نهاية لمعاناة ضحايا «الإبادة الجماعية بدارفور»، وآخرون قالوا: إنها محكمة سياسية، بينما شدد خبير إستراتيجي على أن هذا الأمر «إن تم»، سيحدث إرباكا وسط بعض «المكونات الحالية»، التي ارتكب بعضها سابقا ذات الجرائم، ما يفتح الباب أمام رفع دعاوى بمواجهتهم، ومحاكمات «قادمة» لهم بالخارج.
جرائم الإبادة
ويرى الخبير الإستراتيجي اللواء د. أمين إسماعيل مجذوب، أن المحاكمة تستحق أن تجرى أمام المحكمة الجنائية الدولية، وقال: بعد قيام الثورة اتفق الجميع على تسليم الرئيس السابق عمر البشير والمتهمين الـ 51 المطلوبين في لاهاي، خاصة أن الجرائم خاصة بالإبادة وأخرى ضد الإنسانية.
وكان مسؤول سوداني رفيع قد كشف عن مشاورات تجرى حاليًا بشأن حسم مصير مثول البشير، وبقية المطلوبين أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وأكد عضو المجلس السيادي السوداني محمد التعايشي، عزم الخرطوم تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، لافتا إلى وصول وفد من المحكمة الجنائية الدولية إلى الخرطوم للتوقيع مع الحكومة على بروتوكول ضمان لمحاكمة المطلوبين.
ويضيف اللواء مجذوب: بعد مرور عام وبداية الخلافات حول الوثيقة الدستورية، واستمرار التجاذبات حتى الآن حول وجهات النظر بين المكونين العسكري والمدني، استبقت المحكمة الدولية تلك الاشتباكات وجاء وفد منها على مرتين إلى السودان، لافتا إلى أن الخبراء الذين حضروا بالزيارة الأخيرة مكثوا وقتا مطولا في الخرطوم، ما يعني إجراء مباحثات حول هذا الأمر، وربما سيقود لمثول المتهمين أمام المحكمة الدولية.
المؤسسة العسكرية
ويواصل الخبير الإستراتيجي بالقول: تسليم المتهمين سيأخذ عدة مناحٍ، أولها «عاطفي»، باعتبار أن معظم المطلوبين ينتمون للمؤسسة العسكرية السودانية، وهي سابقة لم تحدث في تاريخ البلاد، ويتابع: أما الثاني، فهو «سياسي»، بمعنى؛ إحداث ارتباك وسط المكونات الحزبية، التي ارتكب بعضها ذات الجرائم بفترات زمنية سابقة، وهنا يمكن رفع دعاوى بمواجهتهم، ما يفتح الباب أمام محاكمات «قادمة» بالخارج.
ويشير اللواء مجذوب إلى أن المنحى الثالث، هو «قضائي»، متسائلا: هل القضاء السوداني عاجز؟، ويجيب بالقول: بحسب بروتوكول ودستور المحكمة الدولية، يتم التدخل إذا كانت الدولة غير «راغبة» أو قادرة على محاكمة أي متهمين بجرائم تستحق المثول أمام «لاهاي»، موضحا: هذا سيقود إلى إشكالية قضائية بالسودان، إذا اعتذر أو تحجج رئيس القضاء بعدم وجود كفاءات، فهناك ثلاثة حلول.
ويحدد حلول محاكمة البشير وبقية المطلوبين، بتقديمهم لـ«محكمة سودانية خالصة»، أو مثولهم أمام قضاء «مختلط أو هجين»، والثالث؛ تحويلهم إلى «لاهاي»، والأخير سيتسبب بأزمة، خاصة أن المكون المدني يتحرك في سرية تامة وصمت من خلال رئاسة مجلس الوزراء ووزير العدل من أجل تسليم المطلوبين، لافتا إلى لقاءات عدة غير رسمية عقدت بين وفد لاهاي والمدنيين، فيما جرت «فقط» زيارات تشريفية من خبراء المحكمة، للمجلس السيادي.
محاكمة مختلطة
وفي الوقت الذي ذهب فيه مجذوب إلى محكمة «هجين»، سبق أن استبعد المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية، فادي العبدالله، في فبراير الماضي، إجراء محاكمة مختلطة، قائلا: ليس نظام محكمة لاهاي ما يشير إلى ذلك.
وسبق أن التزم المكون العسكري في عدة لقاءات رسمية وجماهيرية، بأنه لن يسلم البشير والـ51 مطلوبا للخارج، بيد أن اللواء مجذوب استدرك بالقول: هناك عامل أربك المشهد، بتسليم المتهم علي كوشيب قائد إحدى ميليشيات البشير في دارفور إلى محكمة «لاهاي» وإدلائه بمعلومات واعترافات وأدلة وحتى تقديمه لـ«شهود»، ما وضع أوراق مهمة على طاولة المدعي العام.
وطالب في ختام حديثه بضرورة الإسراع بحسم مسألة «العدالة الانتقالية»، ما يوفر أحكاما رادعة بحق المطلوبين لن تقل عن أحكام الجنائية الدولية، ودعا للإسراع بمحاكمتهم حتى لا تتأثر سياسة الحكومة -الجديدة- الخارجية بالمجتمع الدولي، الذي سيضغط على الخرطوم من أجل تقديم البشير والبقية إلى «لاهاي» في حال تأخرت محاكمتهم في السودان.
تسليم البشير
من ناحيتها، تقول المحللة السياسية رابعة أبو حنة: لا أرى مشكلة أبدا في تسليم البشير والمطلوبين، معللة قبولها بتقديمهم لمحاكمة دولية بالقول: لا ننسى أن هنالك متهمين سودانيين بدأت محاكمتهم في لاهاي بهذا الخصوص، ومنهم على سبيل المثال كوشيب، وتضيف: علاوة على ذلك يجب الوضع في الاعتبار أن أسر الضحايا مستمرون في مطالبتهم بتقديم جميع المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية.
ما تراه أبو حنة، اتجه إليه الصحفي والمراقب السياسي بكري خليفة، بضرورة تسليم البشير وبقية المطلوبين إلى المحكمة الجنائية الدولية بأسرع وقت.
ويقول خليفة: دار حديث في الأيام القليلة الماضية عن مصالحة تجمع مكونات قوى الثورة مع قيادات إسلامية لم تشارك البشير ونظامه في الفساد والجرائم والانتهاكات ضد الشعب، ومن أجل أن يحدث هذا، لا بد أن يقدم مَنْ تلطخت أيديهم بدماء السودانيين للمحاكمة، إن كانوا مطلوبين أمام القضاء داخليا أو بالخارج.
الصفحة السوداء
ويوضح المراقب السياسي بكري خليفة: من أجل إغلاق صفحة سوداء في تاريخ السودان مثّلها حكم البشير، من الضروري تقديمه للمحاكمات في لاهاي، حتى يلتفت الجميع إلى تنمية وعمران البلد، ووضع خليفة طريقين أمام المحكمة الجنائية الدولية، إما بالضغط على الحكومة الانتقالية أو تقديم حوافز لتسليم البشير والمطلوبين.
ولفت إلى أنه لم تجر أي محاكمات أو تصدر أحكام داخل السودان ضد رموز النظام السابق، معتقدا بضرورة تسليم المطلوبين إلى «لاهاي»، ومن وجهة نظره: رغم الاحتقان السياسي بين الحكومة المدنية والعسكر الرافضين لتسليم البشير، إلا أن هذا يأتي لصالح قادة الجيش بالتخلص من تركة النظام السابق، وبالتالي قفل الباب أمام «الإسلامويين» للعودة للسلطة وتشكيل خطورة على العسكريين مستقبلا.
وختم خليفة حديثه ناصحا «العسكر» بالعمل على تقديم البشير والمطلوبين إلى «لاهاي»، والالتفات إلى محاكمة بقية رموز النظام المتهمين في الفساد واستغلال النفوذ والجرائم والانتهاكات، بمحاكم داخلية وفي أسرع وقت.
الاختلاف والجدل
«محاكمته داخليا أفضل»، هكذا قالت الناشطة والإعلامية فاطمة العبيد، وتضيف: على الرغم من الاختلاف والجدل المثار بشأن الرئيس السابق ومحاكمته إلا أنني أرى أن تتم محاكمته داخليا، عبر محكمة مختلطة تضم قضاة سودانيين، بالإضافة للاستعانة بخبراء ومستشاريين دوليين يشاركون في هذه المحاكمات.
وتواصل العبيد: بلادنا تنشد التغيير والبناء، ولذلك من الأفضل محاكمته داخليا، فالقضاء السوداني مستقل ونزيه وقادر على البت في مثل هذه القضايا، وأبدت الإعلامية والناشطة السياسية رفضها التدخل الخارجي في الشأن السوداني، وقالت: يجب ألا نجعل المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من المؤسسات الخارجية تتدخل في شؤوننا الداخلية، موضحة أن هذا شأن داخلي، فالضحايا سودانيون والمتهمون كذلك، ولا بد من محاكمتهم في السودان، واستدركت: لا مانع من الاستعانة بـ«محكمة هجين»، وبذلك نكون قد حسمنا الجدل.
وختمت قائلة: في كل الأحوال نتمنى محاكمة عادلة و«جالبة للحقوق ومحققة للعدالة».