وقال الكاتب والمحلل الاقتصادي عبدالرحمن الجبيري، إن الابتكار أحد أهم محركات اقتصاد ما بعد الجائحة، مما يتطلب معه دعم مصادر وموارد الاقتصاديات، التي يمكن أن تلعب دورًا بارزًا في صناعة المستقبل، مشددًا على أهمية الابتكار الذي يعد أساس الاقتصاد المعرفي، والذي بدوره يدعم منظومة العملية الإنتاجية وتحويلها إلى نمو مستدام.
وتابع، إن المملكة تقدم العديد من البرامج التي تهدف إلى تطوير ونمو هذا الاقتصاد، إذ أكدت رؤية المملكة 2030 ذلك، فيما أنها تستهدف أيضًا خلق بيئة محفِزة تتكامل مع منظومة الابتكار وتهيئة البيئة المواتية لتحفيز المبتكرين والمراكز البحثية وبرامج ريادة الأعمال ودعم الإبداع، وصولاً إلى تفعيل القدرة التنافسية في المشهد العالمي الديناميكي، إضافة إلى توطين التقنية.
وأضاف إن هذا التوجه سيفتح آفاقًا جديدة فيما يتعلق بخلق الوظائف ونمو الأسواق، خاصة في مجالات التقنية والتطبيقات الذكية والذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والإنترنت وذكاء الأعمال، التي ستكون بالتالي أكثر المجالات تعزيزًا للفرص الوظيفية وتوالد الأنشطة، مما يوصلنا إلى تعاظم الأفكار ونمو الاستثمارات المرتبطة بالابتكار، لافتًا إلى أن الثورة الصناعية الرابعة اليوم تعتمد كليًا على تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي واللوجيستيات واقتصاد البيانات، وجائحة كورونا مهدت الطريق لتعزيز هذا الدور، الذي من شأنه تطوير المشروعات والأعمال الناشئة.
وبيّن أن هناك الكثير من الفرص الوظيفية، التي من الممكن أن تخلقها مسرعات الابتكار، ومنها وظائف تقنية المعلومات، وإدارة وتشغيل المنصات والتطبيقات الذكية، وقطاعات الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني وقطاع اللوجيستيات، وإدارة وتطوير الموارد البشرية، وقطاع التسويق والإعلام والاتصال الجديد، وقطاع المشاريع الهندسية والبنى التحتية والمرافق، وقطاع المبيعات والمشتريات وتطوير الأعمال، وقطاع الأموال والحسابات والبنوك الرقمية، والقطاع الإنتاجي الصناعي، مؤكدًا أهمية تضافر الجهود لدعم الابتكار، وأن يشتمل حراكه على الجهات كافة وفي جميع القطاعات بشكل أفقي، ومنها القطاع الخاص والبنوك وقطاع الصناعة والمناطق، وخلق مبادرات لكشف المواهب ودعمها.
من جانبه، قال خبير في مجال الابتكار، عبدالواحد الغانم، إنه رغم تسبب جائحة كورونا في خسارة الكثير من الموظفين أعمالهم في بعض القطاعات، وشكّل هذا الوباء صدمة غير مسبوقة لسوق العمل، فإنه خلق الحاجة إلى وظائف ومهارات جديدة بسرعة كبيرة، حيث أحدث فيروس «covid-19» نقلة نوعية في طريقة تفكيرنا في العمل، وكيف تحمي الشركات موظفيها وعملائها.
وأشار إلى أن الجائحة أبرزت الحاجة للابتكار في خلق طرق ووظائف جديدة للتعامل مع متطلبات الواقع الذي فرضته هذه الجائحة، وهنا برزت أهم الوظائف والقطاعات التي انتعشت منذ بداية هذه الأزمة، وربما تستمر لسنوات قادمة.
وبيّن أن الوظائف المرتبطة بشركات البيع على شبكة الإنترنت تكون في الغالب وظائف التعبئة والتوصيل والتسليم، لمواكبة الطلب الهائل؛ لأن الناس عالقون في المنزل ولا يتسوقون في المتاجر التقليدية، ونظرًا لأن الموظفين والطلاب وأغلب الناس بقوا في منازلهم، فإن صانعي ألعاب الفيديو وشركات التكنولوجيا، التي تمكّن من تسهيل العمل والدراسة من المنزل، انتعشت وظائفهم بشكل هائل لتلبي الطلب المتزايد على الخدمات.
ولفت إلى أن وظائف تعديل التخطيط الداخلي للمكاتب والمطاعم والمدارس والمتاجر، نشأت لتسهيل التباعد الاجتماعي وتقليل انتقال «covid-19»، مؤكدًا أن الجائحة رفعت الطلب على الموظفين المرتبطين بالرعاية الصحية مع أعلى مستوى من فرص العمل على منصات الشبكات المهنية، مثل «لينكد إن».
وقال المحلل الاقتصادي إياس آل بارود، إن الجائحة أحدثت تداعيات كبيرة على قطاع العمل؛ إذ ألغي عدد من الوظائف، فيما باتت الشركات تخطط لجعل المزيد من الموظفين يعملون من المنزل أو تستبدلهم بالروبوتات، وأضحى الروبوت قادرًا على تسجيل النزلاء في الفنادق أو تقديم المشروبات، فضلاً عن التجاوب والتواصل مع مَنْ يسألون عن خدمات مفصلة، هذا دون الحديث عما يقوم به داخل المصانع.
وأضاف إن كل هذه التداعيات تعني أن العديد من الموظفين لن يكونوا قادرين على القيام بالوظيفة ذاتها التي كانوا يقومون بها قبل الوباء.
وكان مؤسس شركة ميكروسوفت «بيل غيتس»، قد توقع في نوفمبر الماضي أن نصف مجالات العمل و30% من «أيام العمل في المكتب» ستختفي إلى الأبد، وتشير بعض التوقعات إلى أن 20% من العمل لن يعود، وحوالي 20% من الموظفين قد ينتهي بهم الأمر إلى العمل من المنزل إلى أجل غير مسمى.
وتشير هذه المتغيرات إلى أن شريحة كبيرة من الموظفين ستفكر بجدية في تغيير مهنتها أو مجال عملها؛ إذ إن الموظفين الذين جرى استجوابهم قالوا إنهم يفكرون في التغيير، فيما يتوقع أن هناك «سيناريو» حقيقيًا تختفي فيه الكثير من الوظائف الضخمة والوظائف ذات الأجور المنخفضة، خاصة في مجال البيع بالتجزئة والخدمات الغذائية، مما يعني أن العالم بحاجة إلى المزيد من برامج التدريب للتأقلم مع سوق الوظائف الجديد.