n قد يرى المتقاعسون في حلبة المسئولية، أن في حديثي إزعاجا لهم في مواقعهم المهمة. إن لم يكن موت أشجار العرر الجماعي فضيحة بيئية، وأيضا أخلاقية لمسئولية وظائف، فماذا عساها تكون؟ بيئة الشريط المطير هذا تدفع ثمن منظومة التجاوزات، والتقاعس، والتجاهل، بكل أشكالها، وأنواعها، وأحجامها، وألوانها.
n هل أقول: (اصح يا نايم)؟ وحتى هذا لا ينفع. فالنوم عذر شرعي مقبول. ونحن نعرف بأن القلم يرفع عن ثلاثة، منها (النائم حتى يستيقظ). في وضعنا نحن مستيقظون لكن الحواس لا تعمل بشكل كفؤ. نحن مستيقظون لكن غير مهتمين، وغير مكترثين. وهذا يعمق الإدانة، ويلهب سعير التساؤلات التي ليس لها أجوبة مع موت شجر العرعر، وتدهور الغطاء النباتي، واستنزاف المياه الجوفية غير المتجددة على زراعات عشوائية.
n ونسأل: ما دور وزارة البيئة والمياه والزراعة؟ ما هي أولوياتها؟ ما هي استراتيجيتها؟ أين خططها وبرامجها لإنقاذ الغطاء النباتي في البيئة المطرية في مناطق الجنوب الغربي من المملكة حفظها الله؟ أين برامج تنميتها وحمايتها ورعايتها؟ لماذا غاب دورها ومسئولوها؟ أمام هذه الكارثة البيئية، لماذا لا يتحرك معالي وزيرها على الصعيد الشخصي، ليتحرك البقية؟ من يحاسب من؟
n ليس أمامي سوى وزارة البيئة والمياه والزراعة، أحملها المسئولية، ليس من باب الإدانة فقط. ولكن أيضا من باب التحفيز، واستدرار النخوة، وتذكيرهم بمسئولياتهم تجاه هذا الشريط المطير. شريط مهم واستراتيجي، أصبح فريسة سهلة للقضم والإنهاك، في ظل الإمكانيات بشتى أصنافها وفئاتها.
n بجانب وزارة البيئة والمياه والزراعة هناك إمارات مناطق الشريط المطير، أين دورها؟ لماذا السكون؟ لماذا الصمت؟ لماذا الغياب عن موت شجر العرعر الجماعي؟ خاصة في منطقة الباحة، التي فقدت أكثر من (80) بالمائة من غطائها النباتي، دون اكتراث.
n الأسئلة تتكرر. التجاهل قائم. عدم الاكتراث مستمر. موت شجر العرعر لم يتوقف. وتسمع عن تقارير وأنشطة الوزارة وتتعجب غيابها عن الشريط المطير والمهم والاستراتيجي لتغذية المياه الجوفية.
n هذا مقالي الحادي عشر عن البيئة، حديث متواصل عن موت شجر العرعر. وقد يكون المقال ما قبل الأخير. وهناك مقالات أخرى عن شجر العرعر بدأت من عام (2016). سأجمعها جميعها في كتاب، تكريما لشجر العرعر، وشهادة إدانة لصالح البيئة. وأيضا إظهارا لحق شخصي غيبه التجاهل. ويبقى السؤال مطروحا أمام الجميع: لماذا يموت شجر العرعر وبشكل جماعي؟ لماذا تتجاهل الوزارة هذه الكارثة البيئية؟ لماذا لا تتبنى إمارات مناطقه الدفاع عنه، والاهتمام بوضعه المتردي؟ إليك المشتكى يا رب.
n كيف لنا مواجهة الأجيال القادمة؟ ماذا سنترك لهم؟ أكرر.. نحن لم نرث الأرض لكننا مستأمنون عليها. فهل تصرفاتنا تشير إلى حسن أدائنا لهذه الأمانة؟ أترك الإجابة لكم، في ظل مشاهد موت غابات شجر العرعر، وتوسعه وانتشاره سنة بعد أخرى. ويستمر المقال بعنوان آخر.
twitter@DrAlghamdiMH