يلتبس على البعض الفرق بين المجاملة والتملق أيضا. فالمجاملة هي الثناء بكلام معسول أو تصرف نابع من تهذيب ولباقة واحترام لكن إذا كان الثناء مفرطا وربما اختلط بكذب ورغبات بتحقيق مصالح شخصية، تحول لتملق. وقد روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «الثناء بأكثر من الاستحقاق ملق».
ونفس الحال مع التبذير بذريعة الكرم. فهناك خط فاصل بين قول نبي الرحمة، «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه» وبين قوله تعالى: «إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين» هو نفسه الخط الفاصل بين أن تقدم لضيفك ما يحتاجه وبين أن تفرش له مائدة تكفي لإشباع سكان حي كامل!
خطوط رفيعة هي تلك التي تفصل بين المعاني المختلفة وكثيرا ما تختلط المعاني علينا نحن البشر فلا يستطيع الشخص سواء المرسل أو المستقبل التفريق بين المجاملة والتملق مثلا، وعلى الرغم من أن الخط الفاصل رفيع جدا لكنه قوي جدا وبالإمكان رؤيته بوضوح فقط بالقليل من التركيز والانتباه. إذا لم يفهم الإنسان المعاني ويدرك الفرق بين كل معنى وآخر فسيقع في المحذور والذي بدوره سيبعدنا عن مجتمع الفضيلة الذي نحلم أن نكون أقرب إليه. هنالك خط رفيع بين الكبرياء والغرور، بين الصراحة والواقحة، بين المجاملة والتملق، بين الكرم والتبذير، بين التدليل والإفساد، بين الاحتياج والاتكال على الغير، بين العبقرية والجنون، بين العبثية والحرية، بين الحسد والغبطة وخط رفيع بين الحب والغيرة، حب التملك والسيطرة. كثيرا ما يساعد وضوح النوايا في معرفة الإنسان على أي ضفة هو موجود وإذا صعب على الإنسان التفريق فأبسط طريقة هي أن يواجه نفسه بصدق ويبحر في أعماق روحه ويحكم ضميره ويدقق في سلامة نواياه فإنما الأعمال بالنيات.
@Wasema