اللسان أداة أعطاها المولى جل وعز للإنسان ليحسن استخدامها ويجتهد في إسعاد نفسه ومن حوله باستخدام أجمل العبارات وأحسنها، وكما أن اللسان نعمة أنعم الله بها علينا فقد تكون نقمة، تورد صاحبها المهالك، فاللسان ترجمان القلب، يعبر عما يكنه الفرد في داخله ويخفيه، وغالبا ما يعرف الإنسان من سقطات لسانه، لذلك أوصى النبي عليه الصلاة والسلام الصحابي عقبة بن عامر فقال له (أمسك عليك لسانك)، وحري بنا أن نحرص على أن نتخير كلماتنا، لأن صاحب الكلمة الطيبة ينجذب إليه الناس كما تنجذب المعادن للمغناطيس، وتألف النفوس حديثه ومجلسه، وكلامه كالبلسم على الجروح، فهو يتخير أفضل الكلام كما يتخير النحل أفضل الأزهار، وقد قيل من لانت كلمته، وجبت محبته، وتجد أن صاحب الكلمة الطيبة قليل الكلام إلا فيما ينفع ويفيد، يتجنب أن يخوض في كل حديث يقال، وأن يدلي بدلوه في كل حوار، لأنه يعلم أن من كثر كلامه كثر لغطه.
وعلى الرغم من أن صاحب الكلمة الطيبة يحرص دائما على انتقاء كلماته ويتجنب دوما أن يجرح أحدا بقول أو أن يزل لسانه بكلمة، إلا إنه قد يتعرض لما يتعرض له غيره من الناس من محاولات لاستثارته والنيل منه، وعندها تجده هادئا في ردوده يقابل الإساءة بالإحسان ويدفع بالتي هي أحسن ممتثلا لقول المولى جل وعلا (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)،
ومثله في ذلك قول الشافعي:
يخاطبني السفيه بكل قبح
فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلما
كعود زاده الإحراق طيبا
فلنجتهد في أن نزن كلامنا بموازين الحكمة، ولننظر ماذا سنقدم إذا تكلمنا وما الذي يمكن أن نضيفه إذا عقبنا، فمن عظيم حكمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه قوله (ليس كل ما يعرف يقال، وليس كل ما حان وقته صح قوله).
azmani21@