لا يمر يوم تقريبا إلا ويأتي اتصال من صديق أو قريب يبحث عن وظيفة لابن أو بنت له، بل إن كثيرا من الأسر أصبحت تعاني من عدم وجود وظائف أو أعمال لأبنائها، وتبحث عن بصيص أمل لدى أي صديق أو مسؤول لعله يدلهم على وسيلة لتلحقهم بإحدى الوظائف الشاغرة في أي موقع كان. ورغم الجهود الحكومية الكبيرة لضبط سوق العمل والتخفيف من الوظائف المشغولة بأجانب، والحث على استبدالها بسعوديين وسعوديات، لكن برأيي أن التقدم التكنولوجي والإداري في المملكة، وتطور مفهوم الخدمات المشتركة مدعوما بالتقدم التقني ساعد في التخفيف من الحاجة لكثير من الوظائف التقليدية، التي تحتاجها الشركات والجهات الحكومية، وظهور نوع جديد من الوظائف يتطلب مهارات فنية عالية تتطلب من كثير من الباحثين عن عمل إلى التدرب على المهارات الجديدة، التي بدأت كثير من الأعمال تضعها كمتطلب رئيسي، ولعل آلاف الخريجين، الذين تصدرهم الجامعات والكليات التقنية وبرامج الابتعاث إلى سوق العمل دون توأمة حقيقية يدفع هذه الجهات لتصميم برامج تدريبية خاصة تؤهل لسوق العمل الواعد بآلاف الوظائف المشغولة بغير أبنائنا وبناتنا، والجهود التى تبذلها الدولة -أعزها الله- في التخفيف من أثر هذه المشكلة عبر وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لمحاولة ضبط سوق العمل وإصدار التشريعات المناسبة له، وتوطين كثير من الوظائف المشغولة بغير السعوديين، وكذلك الجهود التي تبذلها وزارة الصناعة والثروة المعدنية مشكورة أيضا في التوسع في إنشاء المصانع بمدنها الصناعية المختلفة لتستقطب مئات الخريجين، حيث أعلن في تصريح صحفي معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية أن القطاع الصناعي استطاع رغم ظروف الجائحة خلق فرص وظيفية جديدة، مما يؤكد أهمية هذا القطاع في استيعاب آلاف الخريجين في وظائف فنية بعد تأهيلهم التأهيل المناسب.
وعندما أعلن مجلس الوزراء الموقر عن إنشاء المنصة الوطنية للتوظيف، جاء هذا الإعلان في وقته المناسب ليعزز جهود التنسيق بين الجهات الحكومية، والقطاع الخاص لتكون مرجعا واحدا للباحثين عن التوظيف من المواطنين السعوديين وتسهم في توحيد ورفع كفاءة الإجراءات المتعلقة بالتوظيف في القطاعين العام والخاص. ونحتاج برأيي إلى الكثير والكثير من الجهود والقرارات الشجاعة لإيجاد فرصة عمل حقيقية لأبنائنا وبناتنا، خاصة أن أحد مستهدفات رؤية المملكة 2030 الرئيسية هو تخفيض نسبة البطالة، والحد من آثارها الاقتصادية على المواطنين السعوديين.
فالقطاع الخاص يعتبر محركا رئيسيا للاقتصاد، لكنه يحتاج برأي لكثير من الاقتصاديين إلى دعم ومساندة كبيرة ليكون منبعا رئيسيا للفرص الوظيفية الواعدة. ومن عناصر هذا الدعم ما يقوم به صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف» مشكورا في صناعة التوظيف والتدريب، حيث يقدم دعما كبيرا لا يخفى على أحد وتساهم أكاديميته في إعداد وتطوير قيادات المستقبل من المواطنين من منسوبي القطاع الخاص من الجنسين، وتدريبهم لقيادة المنشآت.
ولترغيب العمل في عقود القطاع الخاص يحتاج برأيي العاملون فيه إلى دعم ومساندة لتحفيز شغل هذه الوظائف، فالهيئة الملكية بالجبيل على سبيل المثال في عقودها الخاصة بالتشغيل والصيانة تقدم نموذجا يحتذى بها في تقديم الدعم لموظفي هذه العقود من المواطنين السعوديين عبر تقديم فرص الحصول لهم على السكن في مدينة الجبيل الصناعية، مما يؤمن لهم سكنا مريحا بجانب مقار أعمالهم. ولعل كثيرا من الجهات الحكومية تدعم موظفي عقودها ببرامج سكنية تغنيهم عن البحث عن سكن مناسب لهم ولأسرهم بدلا من السكن خارج المدن أو في مناطق بعيدة.
@dhfeeri