نحن نفقد شريطا مطيرا استراتيجيا ونادرا بمساحة محدودة، وموقع فريد. لماذا نتجاهل قيمته المائية العظيمة، والتي لا تقدر بثمن. وقد رسمته الجيولوجيا وشكلت بيئته ومناخه وهيئته بفضل الله، لاستقبال نعمة الأمطار الضرورية لتغذية المياه الجوفية، حتى خارج هذا الشريط، ليشمل معظم أنحاء المملكة.
دفاعي عن هذا الشجر المهم يأتي ليؤكد أهميته كغطاء نباتي رئيس. فهو الشجر الأهم في هذا الشريط المطير، حيث كان يشكل حوالي (70) بالمائة من غطائه النباتي. واليوم يتعرض للفناء، ليلحق بشجر العرعر الذي كان منتشرا وانقرض في مناطق الشمال الغربي من المملكة، حفظها الله. أي بشر نحن؟ لماذا لا نستفيد من الدروس وعبر الماضي؟
سبق وأن قلت إن شجر العرعر يحدد الشريط المطير ومساحته، في مناطق الجنوب الغربي من المملكة، دام عزها ومجدها. هذه معلومة اكتشفتها صدفة من خلال رصدي وملاحظاتي التي لم تتوقف.
هذا الشريط الوطني الاستراتيجي المطير والمحدود، هو المكان الاستراتيجي لصيد وتجميع وتخزين مياه الأمطار طبيعيا. يتأكد هذا علميا وعمليا وأيضا كحقيقة. هذا يجعله بمثابة خزان الماء الاستراتيجي المستدام للأجيال القادمة.
كيف نفرط في هذا الشريط المطير؟ ولماذا نفرط فيه؟ ولماذا نتوه عن أهميته؟ ولماذا نتجاهل استدراك الوضع وننقذه؟ ولماذا لا نستعجل إنقاذ شجر العرر المنتشر في مساحته؟ أي بشر نحن؟ أي مسئول نحن؟ أي علم نحن؟ أي جامعات نحن؟ أي علماء نحن؟ أي أهل نحن؟
وضع هذا الخزان المائي الطبيعي الاستراتيجي يتردى يوما بعد يوم، وجميع المؤشرات تؤكد ذلك. هذا يحدث في ظل حاجتنا المتزايدة للمياه. وأيضا في ظل زيادة محطات أعذبة مياه البحر الشديدة الملوحة. نتوسع في إقامة محطاتها بأغلى الأثمان، ونترك جالب المطر المجاني، يموت دون أدنى مسئولية؟ أي بشر نحن؟ أي مسئول نحن؟ أليس هذا تناقضا يثير علامات التعجب.
إن نافذة إنقاذ هذا الخزان الطبيعي الاستراتيجي تضيق سنة بعد أخرى. علينا تدارك الأمر لصالح الوطن وصالح أجياله القادمة. المسئولية عظيمة، والعاقبة في ظل استمرار المؤشرات ستكون وخيمة وقاسية، لا سمح الله.
إن الغطاء النباتي، يتحكم في بعض عوامل المناخ المهمة، ومنها ارتفاع درجات الحرارة. ويعمل أيضا على ترويض عوامل المناخ القاسية وتطويعها لصالح حياة الإنسان. من جهة أخرى يصبح المناخ أداة قاتلة، وسلاحا لا يرحم في ظل النشاط البشري السلبي ضد الغطاء النباتي. هذا ما يجري مع شجر العرعر في هذا الشريط الاستراتيجي المطير. وقد تفشى الموت في أشجاره بشكل يثير زوابع القلق. لماذا لا ترون ما أراه؟ لماذا لا تستشعرون قدوم الخطر بفقده؟ الأمر محير بالفعل. ويستمر الحديث بعنوان آخر.
@DrAlghamdiMH