وثمن سموه جهود معالي وزير الخارجية الروسي في تعزيزِ العلاقاتِ الثنائية بين البلدين الصديقين في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، والنابعة من حرص القيادات الحكيمة في البلدين للمضي بهذه العلاقات إلى آفاقٍ أرحب بما يخدم المصالح المشتركة وينمي مجالات التعاون بين البلدين الصديقين.
وأوضح سموه أنه عقد اجتماعًا مثمرًا مع نظيره الروسي، ناقش فيه الجانبان عددًا من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك وفي مقدمتها تعزيز التعاون والتنسيق والشراكة بين البلدين، والحرص على تحقيق المصالح المشتركة بما يعزز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وقال سموه:" من أهم هذه المجالات التعاون بين البلدين تحت مظلة أوبك+ الذي أسهم في استقرار أسواق الطاقة خلال الفترة الماضية العصيبة في عام 2020م التي تأثرت بتبعات جائحة كورونا، حيث أسهمت نتائج هذا التعاون في حماية منظومة الاقتصاد العالمي".
وأضاف سموه ": ناقشنا مستجدات القضايا الإقليمية والدولية، ونجدد التزامنا المشترك بمكافحة التطرف والإرهاب وحماية المدنيين والأعيان المدنية وذلك وفقًا للقانون الدولي والإنساني وقواعده العُرفية".
وأكد سمو وزير الخارجية أن محاولات الاستهداف الفاشلة لميناء رأس تنورة ومرافق شركة أرامكو بالظهران، لا تستهدف أمن المملكة ومقدراتها الاقتصادية فحسب، وإنما تستهدف عصب الاقتصاد العالمي وإمداداته البترولية، وكذلك أمن الطاقة العالمي، مشيراً إلى أن المملكة ستتخذ الإجراءات اللازمة والرادعة لحماية مقدراتها ومكتسباتها الوطنية بما يحفظ أمن الطاقة العالمي ويوقف مثل هذه الاعتداءات الإرهابية لضمان استقرار إمدادات الطاقة وأمن الصادرات البترولية وضمان حركة الملاحة البحرية والتجارة العالمية.
وجدد سموه دعم المملكة للوصول إلى حل سياسي للأزمة في اليمن، عاداً تنفيذ اتفاق الرياض وتشكيل الحكومة اليمنية الجديدة خطوة مهمة في فتح الطريق أمام حل سياسي متكامل للأزمة، مؤكداً دعم المملكة لجهود المبعوث الأممي للوصول إلى وقف شامل لإطلاق النار والبدء بعملية سياسية شاملة.
وقال سموه:" إن المملكة تؤيد الجهود الدولية الرامية إلى ضمان عدم تطوير إيران للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية، وذلك لجعل منطقة الخليج خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل، ولاحترام استقلال وسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، متطلعاً لمتابعة الحوار والتشاور مع الأصدقاء في روسيا حيال الأمن في المنطقة.
وأضاف سموه:" أن المملكة تؤكد أهمية استمرار دعم الجهود الرامية لحل الأزمة السورية، بما يكفل أمن الشعب السوري الشقيق ويحميه من المنظمات الإرهابية والميليشيات الطائفية التي تعطل الوصول إلى حلول حقيقية تخدم الشعب السوري الشقيق، مثمناً التحالف الاستراتيجي مع روسيا الاتحادية، مؤكداً في الوقت ذاته أن التنسيق والتشاور والتعاون قائم بأعلى مستوياته بين البلدين الصديقين.
من جانبه أكد وزير الخارجية الروسي أن الاجتماع تضمن محادثات مفصلة ومفيدة، مشيراً إلى أن العلاقات بين البلدين ذات طابع ودي ومتعدد الأوجه.
وقال:" لدينا تاريخ غني، وقد رحبنا بالدور التنسيقي المهم للجنة الحكومية الروسية السعودية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي، ولدينا وجهة نظر مشتركة من التعاون في مجال مكافحة انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد بما في ذلك دراسة تنظيم المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح الروسي في المملكة وتوطين إنتاجه هنا".
وأضاف:" لدينا وجهات نظر مشتركة على ضرورة تعزيز التعاون في سوق الهيدروكربونات العالمي، إضافة إلى وجود إمكانات كبيرة لتنفيذ مشاريع واعدة في مجالات مثل استكشاف الفضاء والطاقة النووية".
وأوضح أن بلاده مهتمة بوحدة سوريا وسلامة أراضيها وحق السوريين في تقرير مستقبلهم بشكل مستقل على نحو منصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 ونتائج مؤتمر الحوار الوطني السوري، وقال:" أطلعنا المملكة العربية السعودية على الجهود التي تبذلها روسيا من أجل تسوية سياسية للنزاع والحفاظ على النظام وعودة اللاجئين والنازحين فضلاً عن ترميم البنية التحتية المدمرة".
وأعرب عن القلق العميق إزاء ما يحدث في اليمن، حيث يحتاج أكثر من ثلث السكان إلى مساعدة عاجلة نتيجة النزاع المسلح الدموي الذي استمر قرابة 6 سنوات، مؤكداً الإجماع على ضرورة عودة الجميع للمفاوضات وإنهاء الأزمة.
وفي الشأن الليبي أكد دعم بلاده لجهود الوساطة الدولية برعاية الأمم المتحدة لحل الأزمة في ليبيا بشكل عاجل وتشكيل هيئة ليبية دائمة للسلطات، معرباً عن أمله في أن تتمكن القيادة الانتقالية للبلاد من الانخراط الفوري في العمل وفي وقت قصير لتوحيد هياكل الدولة والمؤسسات المالية والاقتصادية.
كما عبر عن استعداد بلاده لحل القضية الفلسطينية في إطار التعاون مع جامعة الدول العربية وجميع الجهات المعنية.
ثم أجاب سمو وزير الخارجية ونظيره الروسي على أسئلة الصحفيين، حيث أكد سموه حرص المملكة وروسيا على سعر عادل للبترول، وعادل للمستهلكين والمنتجين، وهذا ما تقوم عليه آلية ( أوبك بلس) وهناك تنسيق جيد في هذا الإطار ومستمرون في العمل اللازم لدعم ما هو في مصلحة الاقتصاد العالمي.
وفيما يخص الهجوم على المنشآت النفطية، قال سموه :" شهدنا تنديداً واسعاً لهذا الهجوم وموقف قوي من المجتمع الدولي يوازي خطورة هذا الهجوم، وكما ذكرت في افتتاحية اليوم الهجوم ليس على المملكة فحسب بل على منظومة الاقتصاد العالمي، وبالتأكيد مثل هذه الهجمات تتطلب وقفة من المجتمع الدولي في مواجهة مسببيها، ولابد أن تتضافر الجهود أولا للوصول إلى وقف إطلاق النار في اليمن، وأهمها وقف استمرار تزويد إيران للحوثيين بالأسلحة المتطورة بما فيها الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار المفخخة التي تستخدم في مثل هذه الهجمات، لذلك ضروري أن يكون للمجتمع الدولي وقفة حازمة تجاه استمرار تدفق مثل هذه الأسلحة وهذا بالأساس انتهاك لقرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بوقف تصدير الأسلحة إلى اليمن، ويؤكد ما سبق أن طرحناه كان لابد من تمديد حظر السلاح على إيران لأنها تستخدم ما تورده للميليشيات المختلفة في المنطقة لتحقيق أهدافها لإذكاء الصراعات وعدم الاستقرار، لذلك بالفعل يحتاج المجتمع الدولي أن يقف بقوة في وجه استمرار تدفق هذه القدرات للميليشيات في منطقتنا لأن هذا هو السبيل للاستقرار ومنع مثل هذه الأحداث.
وعن وقف العمليات في اليمن أضاف سموه :" التحالف والمملكة العربية السعودية أوقفت عملياتها في اليمن منذ ما يزيد عن سنة بمبادرة من التحالف، أوقفت إطلاق النار من جانب واحد والعمليات القتالية الآن تقتصر على العمليات الدفاعية للدفاع عن الخطوط الأمامية والتصدي لمصادر التهديد من الصواريخ الباليستية والطائرات دون طيار، ولن تتردد المملكة بتاتا في حماية أمنها وحماية مواطنيها وستستمر في التصدي لهذه التحديات بكل فاعلية وبكل حزم وقوة مع ذلك تبقى أولويتنا الوصول لوقف شامل لإطلاق النار والتأخير في هذا الجانب يقع بكامله على الميليشيا الحوثية التي تمتنع حتى الآن عن التوافق على وقف إطلاق النار الذي يسعى لتحقيقه المبعوث الأممي، وفي هذا الإطار نعتقد أنه على المجتمع الدولي مسؤولية كبير لمضاعفة الضغط على هذه الميليشيا لتنخرط في هذا المسار في وقف إطلاق نار شامل ومن ثم في مسار سياسي لأن هذا هو ما سينتج عنه وقف جميع أشكال الاقتتال في اليمن، وسوف ينقل اليمن - بحول الله - إلى مرحلة جديدة من الاستقرار والأمان".
وفي الشأن السوري أوضح سمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله أن التسوية السورية تتطلب أن يكون الحل سياسياً من وجهة نظر المملكة وهو ما تحتاجه الأزمة السياسية، مشيراً إلى أن هذا يرجع بالأساس إلى الأطراف لهذه القضية، ويتطلب أن يقوم النظام السوري والمعارضة بالتوافق على حل سياسي.
وقال سموه :" نتمنى أن تظفر الجهود القائمة، إلى حلول في هذا الاتجاه، وهذا البلد يستحق أن يعود إلى حضنه العربي، وأن يحظى بالاستقرار والسلام والأمن، وسوف ندعم أي جهود تخدم هذا التوجه".
وأضاف :" المملكة منذ بداية الأزمة تدعو إلى إيجاد حل لها، وحريصة على التنسيق مع جميع الأطراف بما فيهم الأصدقاء الروس فيما يتعلق بإيجاد سبيل لإيقاف النزيف الحاصل في بلد شقيق علينا ومهم لنا وهو "سوريا" ومتفقون مع أصدقاءنا الروس على أهمية إيجاد مسار سياسي يضفي إلى تسوية واستقرار الوضع في سوريا لأن لا يوجد حل للأزمة السورية إلا من خلال المسار السياسي".
من جهته قال الوزير الروسي حول سؤال عن أسعار النفط :" نحن نهدف إلى تعزيز تعاوننا في سوق الطاقة الكربونية، ولا نرى في المرحلة الحالية أي أحداث أو فعاليات تعيق تعاوننا تجاه ضمان أو ثبات الأسعار في سوق النفط، ربما هذا الأمر يحدث من المنتجين الآخرين غير الداخلين في الأوبك، وربما هناك اتجاه، ولاحظنا هذا الأمر وسيظهر نفسه في المستقبل، وننسق إجراءاتنا وتحركاتنا بما ينعكس على مستوى التوازن وسنسعى دائماً أن لا يتأذى السوق الدولي".
وعن الموقف الروسي من الهجوم الأخير على ميناء رأس تنورة، قال :" في بداية اجتماعنا اليوم عبرت عن الموقف الروسي لهذا الحدث غير الجيد بما في ذلك الصراع في اليمن وأي صراع آخر أو خلاف في أي منطقة أخرى بما في ذلك الهجمات التي تتعرض لها البنية التحتية السكنية في مختلف المناطق، ونحن نتمسك بهذا الموقف منذ البداية، بالإضافة إلى دعمنا لتقيد جميع الأطراف بالاتفاقيات، ووقف مثل هذه الهجمات العدائية، وبيننا وبين المبعوث الخاص نفس الموقف تقريباً نتمسك به ".