وتكون المقابلة الإكلينيكية (السريرية) وجها لوجه مع المريض، في جو يسوده الهدوء والثقة والسرية التامة والإنصات والتفاعل الفعال وإظهار الاهتمام البالغ للمريض ومشكلته الاجتماعية أو الصحية. كما أن مكان ومدة المقابلة لها الأثر الأكبر في إضفاء الثقة والراحة النفسية للمريض للمناقشة.
ومن أهم نقاط هذه المقابلات تدوين الملاحظات سواء بالكتابة أو التسجيل الصوتي والمرئي، لتمكن من تحليل وجمع المعلومات عن المريض، حيث يعتمد تدوين الملاحظة على عدة عناصر مهمة في علاج الحالة وتتبعها، وأيضاً حفظ السجلات الخاصة بها والرجوع لها في وقت الحاجة، ومنها العوامل البيولوجية الاجتماعية والبيئية والنظامية، التي تؤثر على المريض بما في ذلك ثقافة المريض، وعوامل الخطر والمرونة وسجل المريض والتشخيص للحالة والتقدم العلاجي والمستوى المادي للمريض.
وتتضمن الملاحظات خلال المقابلة السريرية خطة العلاج ومتابعة تقدمها، وكذلك التقنيات المستخدمة ومدى فاعليتها واللغة البسيطة السهلة والملاحظات الإيجابية أو السلبية، أيضا مراقبة السلوكيات والأعراض ومدى زيادتها أو نقصها وتجنب الانفعالات. ومن خلال هذه المقابلات تتكون لدى الأخصائي الاجتماعي صورة كاملة عن الجانبين النفسي والاجتماعي للمريض ومدى تأثيرهما على طريقة علاجه أو حتى ما بعد مرحلة العلاج.
ويعتبر ذوو الأمراض المزمنة هم الأكثر حاجة للمقابلات السريرية لما لها من بعد نفسي واجتماعي قوي قد يؤثر سلباً أو إيجاباً في تقبل المريض لوضعه الصحي وتقبل أسرته واندماجه في المجتمع، وتقبل المجتمع له وتقبله أيضاً للمجتمع.
لذا لا بد من لمس الحالة النفسية للمريض بشكل دقيق ومفصل وفي كامل محيطه. كحالات مرضى الفشل الكلوي يحتاجون لزيارة المستشفى ثلاث مرات أسبوعيا وقد لا تتوافر وسيلة مواصلات لنقلهم بصفة دورية لاستكمال علاجهم، فضلا مما يترتب على ذلك من مشاكل مادية واجتماعية كفقدان العمل والأعباء المالية على الأسرة والالتزام بخطة علاجية طويلة المدى ونظام صحي غذائي معين والانعزال عن المجتمع بسبب ظروفه الصحية مما يجعل المريض يجد صعوبة لتقبل ذلك، وقد يضطر لإيقاف العلاج لعدم قدرته على التكيف مع وضعه الصحي وعدم وجود مَنْ يقدم المساعدة له، وهنا يكون الدور الفاعل للأخصائي الاجتماعي بدراسة حالة المريض الاجتماعية بشكل دقيق وتوفير الحلول له من التواصل مع الجهات المختصة كتوفير سيارة إسعاف لنقله من وإلى المستشفى لاستكمال علاجه، وكذلك التواصل مع الجهات الداعمة في مثل هذه الظروف كالجمعيات الخيرية، التي قد تخفف العبء المالي على المريض ومساعدته في التجاوب والتكيف على وضعه الصحي والمجتمعي.
كما يتطلب من الأخصائي الاجتماعي تثقيف المرضى حول أمراضهم وزيادة الوعي وحول إمكانية متابعة حياتهم بشكل طبيعي مع الالتزام بالعلاج الخاص والتقبل للظروف الحالية والمجتمعية والتأقلم معها حتى يندمج في المجتمع ويمارس حياته بشكل يرفع من حالته النفسية، التي لها دور عكسي على تقبل العلاج.
وكما ذكرت في بداية مقالي أن مهنة الأخصائي الاجتماعي مهنة تلامس الروح، ولأننا مجتمع مترابط ويغلب عليه العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة أو كمجتمع، فقد تبنت الدولة ممثلة في وزارة الصحة تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي في المستشفيات ودور الرعاية الصحية وإبراز الدور المهم والأثر الإيجابي لما يقوم به، وكذلك ربط جميع الجهات المعنية بالشأن الاجتماعي وتوفير أسهل الطرق للوصول إليها لدعم مَنْ هم بحاجة المساعدة... دمتم بصحة.
lashibani@